الفريابي هذا في تفسيره عن ورقاء بن عمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: * (واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعو 1764; ا أمركم وشركآءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضو 1764; ا إلى ولا تنظرون) * اقضوا إلي ما في أنفسكم. وحكى ابن التين افعلوا ما بدا لكم. وقال غيره: أظهروا الأمر وميزوه بحيث لا تبقى شبهة، ثم اقضوا بما شئتم من قتل أو غيره من غير إمهال. قوله: يقال: أفرق اقض قيل: هذا ليس من كلام مجاهد بدليل قوله: يقال، ويؤيده أيضا، إعادة قوله بعده. وقال مجاهد، وفي بعض النسخ ليس فيه لفظ: يقال، فعلى هذا يكون من قول مجاهد ومعناه: أظهر الأمر وأفصله وميزه بحيث لا تبقى شبهة وسترة وكتمان ثم اقض بالقتل ظاهرا مكشوفا ولا تمهلني بعد ذلك.
وقال مجاهد * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذالك بأنهم قوم لا يعلمون) * إنسان يأتيه فيستمع ما يقول وما أنزل عليه، فهو آمن حتى يأتيه فيسمع كلام الله، وحتى يبلغ مأمنه حيث جاءه.
قال ابن بطال: ذكر هذه الآية من أجل أمر الله تعالى نبيه بإجارة الذي يسمع الذكر حتى يسمعه فإن آمن فذاك وإلا فيبلغ مأمنه حتى يقضي الله فيه ما شاء. قوله: إنسان يأتيه إلى آخره تفسير مجاهد. قوله تعالى: * (وأن أحد من المشركين استجارك) * أصله: وإن استجارك أحد، فحذف استجارك لدلالة استجارك الظاهر عليه. قوله: إنسان أي مشرك يعني: إن أراد مشرك سماع كلام الله تعالى فأعرض عليه القرآن وبلغه إليه وأمنه عند السماع، فإن أسلم فذاك، وإلا فرده إلى مأمنه من حيث أتاك. وتعليق مجاهد هذا وصله الفريابي بالسند الذي ذكرناه آنفا.
النبأ العظيم: القرآن.
هو تفسير مجاهد أيضا. وقال الكرماني أي: ما قال جل جلاله: * (عم يتسآءلون * عن النبإ العظيم) * أي: القرآن، فأجب عن سؤالهم وبلغ القرآن إليهم. قال ابن بطال: سمي نبأ لأنه ينبأ به، والمعنى إذا سألوا عن النبأ العظيم فأحبهم وبلغ القرآن إليهم. وقيل: حق الخبر الذي يسمى نبأ أن يتعرى عن الكذب.
صوابا: حقا في الدنيا وعمل به.
أشار به إلى ما في قوله تعالى: * (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا) * أي: قال حقا في الدنيا وعمل به فإنه يؤذن له في القيامة بالتكلم، وهذا وصله الفريابي أيضا بسنده المذكور، ووجه مناسبة ذكره هذا هاهنا على عادته أنه إذا ذكر آية مناسبة للمقصود يذكر معها بعض ما يتعلق بتلك السورة التي فيها تلك الآية مما ثبت عنده تفسيره ونحوه على سبيل التبعية.
40 ((باب قول الله تعالى: * (الذى جعل لكم الارض فراشا والسمآء بنآء وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) * وقوله جل ذكره * (قل أءنكم لتكفرون بالذى خلق الارض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين) * وقوله * (والذين لا يدعون مع الله إلاها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذالك يلق أثاما) * * (ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين * بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) * غرض البخاري في هذا الباب إثبات نسبة الأفعال كلها إلى الله تعالى سواء كانت من المخلوقين خيرا أو شرا، فهي لله خلق وللعباد كسب، ولا ينسب شيء من الخلق إلى غير الله تعالى، فيكون شريكا وندا ومساويا له في نسبة الفعل إليه، وقد نبه الله تعالى عباده على ذلك بالآيات المذكورة وغيرها المصرحة بنفي الأنداد والآلهة المدعوة معه، فتضمنت الرد على من يزعم أنه يخلق أفعاله، والأنداد جمع ند بكسر النون وتشديد الدال ويقال له: النديد، أيضا، وهو نظير الشيء الذي يعارضه في أموره، وقيل: ند الشيء من يشاركه في جوهره فهو ضرب من المثل، لكن المثل يقال في أي مشاركة كانت، فكل ند مثل من غير عكس. وقال الكرماني: الترجمة مشعرة بأن المقصود من الباب إثبات نفي الشريك لله تعالى، فكان المناسب ذكره في أوائل كتاب التوحيد. وأجاب: بأن المقصود ليس ذلك، بل هو بيان كون أفعال العباد بخلق الله تعالى، وفيه الرد على الجهمية حيث قالوا، لا قدرة للعبد أصلا، وعلى المعتزلة حيث قالوا: لا دخل لقدرة الله فيها، إذ المذهب الحق أن لا جبر ولا قدر، ولكن أمر بين