فرغت يمين مؤلفه ومسطره العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني أبو محمد محمودبن أحمد العيني من تأليف هذا الجزء وتسطيره. الحادي والعشرين من عمدة القاري في شرح البخاري الذي به كمل الشرح بتوفيق الله وعونه ولطفه وكرمه، في آخر الثلث الأول من ليلة السبت الخامس من شهر جمادى الأولى عام سبعة وأربعين وثمانمائة من الهجرة النبوية، في داره التي مقابلة مدرسته البدرية في حارة كتامة بالقرب من الجامع الأزهر، وكان ابتداء شروعي في تأليفه في آخر شهر رجب الأصم الأصب سنة عشرين وثمانمائة، وفرغت من الجزء الأول يوم الاثنين السادس عشر من شهر ذي الحجة الحرام سنة عشرين وثمانمائة، وفرغت من الجزء الثاني نهار الثلاثاء السابع من شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وفرغت من الجزء الثالث يوم الجمعة الثامن من جمادى الأولى سنة ثلاثة وثلاثين وثمانمائة، بعد أن مكثت فيه نصف سنة، وكان الخلو بين الثاني والثالث مقدار ستة عشر سنة، وأكثر، وفرغت من الرابع يوم الثلاثاء التاسع من ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ثم استمريت في الكتابة والتأليف إلى التاريخ المذكور في الحادي والعشرين وكانت مدة مكثي في التأليف مقدار عشر سنين مع تخلل أيام كثيرة فيها، والحمد لله تعالى على هذه النعمة، صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أحمدك يا من أوضحت سنن الحق لسالكيها بآيات بينات. وأبنت طرق الهداية بعلامات واضحات. وكشفت عن الضلالة حجب الأوهام والخزعبلات. فظهرت وحشية المنظر منفورة الشكل لدى أرباب البصائر والإدراكات. فاندفع الباطل وزهق بما للحقيقة من قوة وصدمات. فتعالى وانتصر سبيل دين الحق المؤيد بأم الكتاب التي هي آيات محكمات. والمدعم بسنة خير خلق الله المعزز بالبراهين والمعجزات. فنشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له شهادة دائمة في المحيا والممات. ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صاحب المقام المحمود والمناقب الباهرات. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ما دامت أزمنة وأوقات. وسلم تسليما كثيرا وبارك عليهم وعلى من تبع هديهم بتحيات مباركات زاكيات.