إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف قوله أو لم تسمع بهمزة الاستفهام وواو العطف قيل ما معناه والعطف يقتضي التشريك وهو غير جائز وأجيب بأنه المشاركة في الموت أي نحن وأنتم كلنا نموت أو تكون الواو للاستئناف لا للعطف أو تقديره وأقول عليكم ما تستحقونه وإنما اختار هذه الصيغة ليكون أبعد عن الإيحاش وأقرب إلى الرفق واختلف هل يؤتى بالواو في الرد أم لا فقال ابن حبيب لا يؤتى بها لأن فيها اشتراكا وخالفه ابن الجلاب والقاضي أبو محمد وقيل يقول عليك السلام بالكسر وقال طاوس يرد وعلاك السام أي ارتفع وقال النخعي إذا كان له عنده حاجة تبدأ بالسلام ولا ترد عليه كاملا فلا يجب أن يكرم كالمسلم وسمح بعضهم في رد السلام عليكم واحتج بقوله تعالى * (فاصفح عنهم وقل سلام) * ولو كان كما قال لقال سلاما بالنصب وإنما يعني بذلك على اللفظ والحكاية وأيضا فقد قيل أن الآية منسوخة بآية السيف واختلف هل يكنى اليهودي فكرهه مالك ورخص فيه ابن عبد الحكم واحتج بقوله انزل أبا وهب * - 6025 حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك أن أعرابيا بال في المسجد، فقاموا إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزرموه، ثم دعا بدلو من ماء فصب عليه. (انظر الحديث 219 وطرفه).
مطابقته للترجمة تؤخذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه رفق به ونهاهم عن قطع بوله.
والحديث قد مضى في الطهارة في: باب ترك النبي صلى الله عليه وسلم، والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله، وفي: باب صب الماء على البول في المسجد.
قوله: (فقاموا إليه) أي: ليؤذوه وليضربوه. قوله: (لا تزرموه) من الإزرام بالزاي ثم الراء أي: لا تقطعوا عليه بوله، وزرم البول أي: انقطع. قوله: (فصب عليه) أي: على الموضع الذي بال عليه، ومر البحث فيه هناك.
36 ((باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا)) أي: هذا باب في بيان فضل معاونة المؤمنين بعضهم بعضا، والأجر فيها. قوله: (بعضهم) بالجر على أنه بدل من المؤمنين بدل البعض من الكل، ويجوز الضم أيضا. قوله: بعضا، قال الكرماني: منصوب بنزع الخافض أي: للبعض. قلت: الأوجه أن يكون مفعول مصدر المضاف إلى فاعله وهو لفظ التعاون لأن المصدر يعمل عمل فعله.
6026 حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن أبي بردة بريد بن أبي بردة قال: أخبرني جدي أبو بردة عن أبيه أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، ثم شبك بين أصابعه. (انظر الحديث 481 وطرفه).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم، جالسا إذ جاء رجل يسأل أو طالب حاجة أقبل علينا بوجهه فقال: اشفعوا تؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء.
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه. ومحمد بن يوسف الفريابي، وسفيان هو الثوري، وأبو بردة: بضم الباء وسكون الراء كنية بريد مصغر البرد ابن عبد الله بن أبي بردة أيضا واسمه عامر بن موسى عبد الله بن قيس الأشعري، فأبو بردة يروي عن جده أبي بردة وهو يروي عن أبيه أبي موسى الأشعري.
والحديث أخرجه النسائي من طريق يحيى القطان: حدثنا سفيان حدثني أبو بردة ابن عبد الله بن أبي بردة... فذكره.
قوله: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا)... إلى آخره مضى في الزكاة: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة حدثنا أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه سائل أو: طلبت إليه حاجة قال: اشفعوا تؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما شاء، وأخرجه أيضا في التوحيد عن أبي كريب، ومضى الكلام فيه.
قوله: (المؤمن) التعريف فيه للجنس والمراد: بعض المؤمن للبعض. قوله: (ويشد بعضه بعضا) بيان لوجه التشبيه. قوله: (ثم شبك بين أصابعه) كالبيان للوجه أي: شدا مثل هذا الشد، وقال ابن بطال: المعاونة في أمور الآخرة، وكذا في الأمور المباحة من الدنيا مندوب إليها، وقد ثبت حديث أبي هريرة: والله في عون العبد ما كان البعد في عون أخيه. قوله: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا) لفظ: