عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١١٧
ابن علي ويقال: هلال بن هلال، وهلال بن أبي ميمونة المديني. والحديث من أفراده.
قوله: (سبابا) على وزن فعال بالتشديد وكذلك الفحاش واللعان. فإن قلت: صيغة فعال بالتشديد لا تستلزم نفي صيغة فاعل، والنبي لم يتصف بهذه الأشياء أصلا لا بقليل ولا بكثير. قلت: هذا مثل قوله تعالى: * ((14) وما ربك بظلام للعبيد) * (فصلت: 46) وقال الكرماني: ما الفرق بين هذه الثلاثة؟ قلت: يحتمل أن تكون اللعنة متعلقة بالآخرة لأنها هي البعد عن رحمة الله تعالى، والسب يتعلق بالنسب كالقذف والفحش بالحسب. قوله: (عند المعتبة) بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح التاء المثناة من فوق وكسرها وبالباء الموحدة وهو مصدر عتبت عليه أعتبه عتبا قال الجوهري: عتب عليه وجد تعتب وتعتب ومعتبا والاسم المعتبة والمعتبة وقال الخليل: العتاب معاتبة الأول ومذاكرة الموجدة تقول: عاتبه معاتبة. قال الشاعر:
ويبقى الود ما بقي العتاب قوله: (ماله؟ استفهام وترب جبينه) إذا أصابه التراب، ويقال: تربت يداك على الدعاء أي: لا أصبت خيرا. وقال الخطابي هذا الدعاء يحتمل وجهين: الأول: أن يخر لوجهه فيصيب التراب جبينه. والآخر: أن يكون دعاء له بالطاعة ليصلي فيتترب جبينه، وقيل: الجبينان هما اللذان يكتنفان الجبهة فمعناه صرع لجنبه فيكون سقوط رأسه على الأرض من ناحية الجبين. وقال الداودي: هذه كلمة جرت على لسان العرب ولا يراد حقيقتها.
6032 حدثنا عمرو بن عيسى حدثنا محمد بن سواء حدثنا روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن عروة عن عائشة: أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا رسول الله! حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! متى عهدتني فحاشا؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره.
مطابقته للترجمة في قوله: (متى عهدتني فحاشا). وعمرو بن عيسى أبو عثمان الضبعي البصري. وماله في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في كتاب الصلاة، ومحمد بن سواء بفتح السين المهملة وتخفيف الواو وبالمد أبو الخطاب السدوسي المكفوف، له عند البخاري هذا الحديث وآخر في المناقب، وروح بفتح الراء ابن القاسم مشهور كثير الحديث، ومحمد بن المنكدر على وزن اسم الفاعل من الانكدار.
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن صدقة بن الفضل وقتيبة. وأخرجه مسلم في الأدب أيضا عن عمرو بن محمد الناقد وغيره. وأخرجه أبو داود فيه عن مسدد عن سفيان به. وأخرجه الترمذي في البر عن ابن أبي عمر عن سفيان به.
قوله: (عن عروة عن عائشة) وفي رواية ابن عيينة: سمعت عروة أن عائشة أخبرته. قوله: (أن رجلا) قال ابن بطال: هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وكان يقال له: الأحمق المطاع، فرح صلى الله عليه وسلم، بإقباله عليه قبل أن يسلم قومه، وجاء حين أقبل على الشرك وترك حديثه مع ابن أم مكتوم، فأنزل الله عز وجل: وما يكذب به إلا كل معتد أثيم) * (عبس: 1 2) وأخرج عبد الغني من طريق أبي عامر الخزاز عن أبي يزيد المدني عن عائشة قالت: جاء مخرمة بن نوفل يستأذن، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم، صوته قال: بئس أخو العشيرة... الحديث. وحكى الحافظ المنذري في (مختصره) الفولين، فقال: هو عيينة، وقيل: مخرمة. قوله: (بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة) وفي رواية معمر: بئس أخو القوم، وقال عباض: المراد بالعشيرة الجماعة والقبيلة أي: بئس هذا الرجل منها، وهو كقولك: يا أخا العرب، لرجل منهم، وهذا الكلام من أعلام النبوة لأنه ارتد بعده صلى الله عليه وسلم، وجئ به أسيرا إلى أبي بكر رضي الله عنه. قوله: (تطلق) على وزن تفعل من العلاقة أي: انشرح وانبسط، ومنه يقال: وجه طلق وطليق أي: مسترسل منبسط غير عبوس. قوله: (متى عهدتني فحاشا)؟ هكذا في رواية الكشميهني: فحاشا، بصيغة المبالغة وفي رواية غيره: فاحشا. قوله: (اتقاء شره) أي: لأجل الاتقاء عن شره.
وفيه
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»