عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١١٠
ينبغي أن يرجح رواية هؤلاء، ولا سيما أن سعيد المقبري مشهور بالرواية عن أبي هريرة، وصنيع البخاري يدل على صحة الوجهين، ومع هذا الرواية عنده عن ابن أبي ذئب عن سعيد عن أبي شريح أصح، ولا سيما سمع من ابن أبي ذئب يزيد بن هارون وأبو داود الطيالسي وحجاج بن محمد وروح بن عبادة وآدم بن أبي إياس، وكلهم قالوا: عن أبي شريح، وهو كذلك في (مسند الطيالسي) والله أعلم بالصواب. وحميد بن الأسود أبو الأسود البصري الكرابيسي وهو من أفراده، وعثمان بن عمر بن فارس البصري، وأبو بكر بن عياش بالعين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة القاري، وشعيب بن إسحاق الدمشقي.
30 ((باب لا تحقرن جارة لجارتها)) أي: هذا باب يذكر فهي لا تحقرن جارة لجارتها يعني: لا تمنع الجارة عن إعطاء شيء حقير لجارتها لأجل قلته.
6017 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثنا سعيد هو المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا نساء المسلمات! لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة. (انظر الحديث 2566).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وسعيد المقبري هنا روى عن أبيه كيسان عن أبي هريرة، وروى في الحديث الماضي عن أبي هريرة بلا واسطة أبيه، وكلاهما صحيح لأن سعيد أدرك أبا هريرة وسمع منه أحاديث ما فاته من أبيه.
والحديث أخرجه مسلم في الزكاة عن يحيى بن يحيى عن الليث وعن قتيبة عنه.
قوله: (يا نساء المسلمات) بنصب: نساء، وجر: المسلمات، من باب إضافة الموصوف إلى الصفة أي: يا نساء الأنفس المسلمات، وقيل: يا فاضلات المسلمات، كما يقول: هؤلاء رجال القوم، أي: سادتهم وأفاضلهم، وبرفعهما ورفع النساء ونصب المسلمات نحو: يا زيد العاقل. قوله: (لا تحقرن) هذا النهي إما للمعطية، أي: لا تمنع جارة من الصدقة لجارتها لاستقلالها واحتقارها، بل تجود بما تيسر وإن كان قليلا كفر سن شاة، وهو خير من العدم، وأما للمعطاة والمتصدق عليها، والفرسن بكسر الفاء وسكون الراء وكسر السين المهملة وبالنون من البعير بمنزلة الحافر من الدابة، وقد يطلق على الغنم استعارة، وقيل: هو عظم الظلف.
31 ((باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره)) أي: هذا باب يذكر فيه من كان... إلى آخره.
6018 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو الأحوص عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت.
الترجمة هي جزء الحديث وأبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي الكوفي، وأبو حصين بفتح الحاء المهملة وكسر الصاد المهملة عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي، وأبو صالح ذكوان السمان الزيات.
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن أبي بكر بن أبي شيبة. وأخرجه ابن ماجة في الفتن عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال أبو بكر: لم يرو أبو الأحوص عن أبي حصين غير هذا الحديث.
قوله: (فلا يؤذ جاره)، الإيذاء معصية لا يلزم منها نفي الإيمان، والمراد منه نفي كمال الإيمان، وأما تخصيص الإيمان بالله واليوم الآخر من بين سائر ما يجب به الإيمان فللإشارة إلى المبدأ والمعاد، يعني: إذا آمن بالله الذي خلقه وأنه يجازيه يوم القيامة بالخير والشر لا يؤذ جاره. قوله: (فليكرم ضيفه)، والأمر بالإكرام يختلف بحسب المقامات، وربما يكون فرض عين أو فرض كفاية، وأقله أنه من باب مكارم الأخلاق، ولا شك أن الضيافة من سنن المرسلين، وقال الداودي: يزيد في إكرامه على ما كان يفعل في عياله، قال الكرماني: فإن قلت: ما وجه ذكر هذه الأمور الثلاثة؟ قلت: هذا الكلام من جوامع الكلم لأنها هي
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»