عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١١٦
38 ((باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا)) أي: هذا باب يذكر فيه: (لم يكن)... إلى آخره. قوله: (فاحشا)، من الفحش وهو كل ما خرج من مقداره حتى يستقبح ويدخل فيه القول والفعل والصفة، يقال: فلان طويل فاحش الطول إذا أفرط في طوله، ولكن استعماله في القول أكثر. قوله: ولا متفحشا كذا في رواية الكشميهني، وفي رواية الأكثرين: ولا متفاحشا، والمتفحش بالتشديد الذي يتعمد ذلك ويكثر منه ويتكلفه لأن هذا الباب فيه التكلف يعني: ليس فيه ذلك أصلا لا ذاتيا ولا عرضيا، حاصله لم يكن متكلما بالقبيح أصلا، وقال الداودي: الفاحش الذي يقول الفحش والمتفحش الذي يستعمل الفحش ليضحك الناس، وقال الطبري: الفاحش بذيء اللسان.
6030 حدثنا محمد بن سلام أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها، أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليكم. فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم، قال: مهلا يا عائشة! عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش. قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: أولم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في.
هذا الحديث ذكره في: باب الرفق في الأمر كله، وأعاده هنا ومن فائدة إعادته أنه صلى الله عليه وسلم لما لم يكن فاحشا ولا متفحشا أمر بالرفق ونهى عن الفحش والعنف، وهذا هو وجه ذكره هنا.
قوله: (حدثنا عبد الله بن سلام) ويروى: حدثني، وعبد الوهاب ابن عبد المجيد الثقفي، وأيوب هو السختياني.
والعنف ضد اللطف وحكى عياض عن بعض شيوخه: أن عين العنف مثله والمشهور ضمها، والفحش التكلم بالقبيح. قوله: (فيستجاب لي) لأنه بالحق (ولا يستجاب لهم) لأنه بالباطل والظلم. قوله: (في) بكسر الفاء وتشديد الياء.
6031 حدثنا أصبغ قال: أخبرني ابن وهب أخبرنا أبو يحياى هو فليح بن سليمان عن هلال بن أسامة عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم، سبابا ولا فحاشا ولا لعانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ماله؟ ترب جبينه. (انظر الحديث 6031 طرفه في: 6046).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وإصبغ هو ابن الفرج المصري يروي عن عبد الله بن وهب المصري، وهلال بن أسامة هو هلال
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»