عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٤٦
ذكر رجاله وهم خمسة: علي بن عبد الله المعروف بابن المديني. وأزهر، بفتح الهمزة وسكون الزاي: ابن سعد الباهلي السمان البصري مات سنة ثلاث ومائتين. وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون المزني البصري. وموسى بن أنس بن مالك قاضي البصرة، وأنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه.
ذكر معناه: قوله: (أنبأنا موسى بن أنس)، ووقع في رواية أبي عوانة ورواية عبد الله بن أحمد عن ابن عون عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بدل موسى بن أنس، وأخرجه أبو نعيم عن الطبراني عنه، وقال: لا أدري ممن الوهم. وأخرجه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن ابن عون عن موسى بن أنس قال: لما نزلت: * (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) * (الحجرات: 2). قعد ثابت بن قيس في بيته... الحديث، وهذا صورته مرسل إلا أنه يقوي أن الحديث لابن عون عن موسى لا عن ثمامة. قوله: (افتقد ثابت بن قيس)، وقيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك، وهو الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج، وكان خطيب الأنصار وخطيب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا أنه قتل باليمامة شهيدا. قوله: (فقال رجل)، قيل: هو سعد بن معاذ، لما روى مسلم من وجه آخر من طريق حماد عن ثابت عن أنس، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، سعد بن معاذ، فقال: يا أبا عمرو ما شأن ثابت؟ اشتكى؟ فقال سعد: إنه لجاري وما علمت له شكوى، فإن قلت: الآية المذكورة نزلت في سنة الوفود بسبب الأقرع بن حابس وغيره، وكان ذلك في سنة تسع، وسعد بن معاذ مات قبل ذلك في بني قريظة، وذلك في سنة خمس؟ قلت: أجيب عن ذلك بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت، والذي نزل في قصة الأقرع أول السورة، وهو قوله: * (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * (الحجرات: 1). وقيل: الرجل المذكور هو سعد بن عبادة لما روى ابن المنذر في (تفسيره) من طريق سعيد بن بشر عن قتادة عن أنس في هذه القصة، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله هو جاري.. الحديث، قيل: هو أشبه بالصواب، لأن سعد بن عبادة من قبيلة ثابت بن قيس، فهو أشبه أن يكون جاره من سعد بن معاذ لأنه من قبيلة أخرى. قوله: (أنا أعلم لك)، هكذا رواية الأكثرين، وقال الكرماني: كلمة ألا، للتنبيه أو تكون الهمزة في: ألا للاستفهام وفي بعضها: أنا أعلم. قلت: كأن النسخ التي وقعت عندهم ألا أعلم، موضع: أنا أعلم، فلذلك قال كلمة: ألا، للتنبيه، أو تكون الهمزة في ألا للاستفهام، ثم أشار إلى رواية الأكثرين، وهي: أنا أعلم، بقوله: وفي بعضها أنا أعلم قوله: (لك) أي: لأجلك. قوله: (علمه) أي: خبره. قوله: (فأتاه) أي: فأتى الرجل المذكور ثابت بن قيس فوجده جالسا في بيته. وقوله: (جالسا ومنكسا) حالان مترادفان أو متداخلان، (ورأسه) منصوب بقوله: منكسا. قوله: (ما شأنك) أي: ما حالك؟ قوله: (فقال: شر) أي: فقال ثابت حالي شر. قوله: (كان يرفع صوته) هذا التفات ومقتضى الحال إن يقول: كنت أرفع صوتي، ولكنه التفت من الحاضر إلى الغائب، قوله: (فقد حبط عمله) أي: بطل، وكان القياس فيه أيضا أن يقول؛ فقد حبط عملي، وكذا قوله: (وهو من أهل النار) والقياس فيه: وأنا من أهل النار. قوله: (فأتى الرجل فأخبره) أي: فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قال كذا وكذا، وكان ثابت لما نزلت * (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) * (الحجرات: 2). جلس في بيته وقال: أنا من أهل النار، وفي رواية لمسلم: فقال ثابت: أنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا. قوله: (فقال موسى بن أنس)، وهو الراوي المذكور عن أبيه أنس. قوله: (فرجع المرة الآخرة) أي: فرجع الرجل المذكور، ويروى: المرة الأخرى، قوله: (ببشارة) بضم الباء وكسرها والكسر أشهر، وهي: الخبر السار سميت بذلك لأنها تظهر طلاقة الإنسان وفرحه. قوله: (فقال: إذهب إليه) بيان البشارة أي: فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل المذكور، إذهب إلى ثابت بن قيس فقل له... إلى آخره. فإن قلت: فيه زيادة العدد على المبشرين بالجنة. قلت: التخصيص بالعدد لا ينافي الزائد، أو المراد بالعشرة الذين بشروا بها دفعة واحدة، أو بلفظ البشارة، وكيف لا والحسن والحسين وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الجنة قطعا؟ ونحوهم.
4163 حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق سمعت البراء ابن عازب رضي الله تعالى عنهما قرأ رجل الكهف وفي الدار الدابة فجعلت تنفر فسلم فإذا ضبابة أو سحابة غشيته فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ فلان فإنها السكينة نزلت للقرآن أو تنزلت للقرآن.
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخباره صلى الله عليه وسلم عن نزول السكينة عند قراءة القرآن. وغندر هو محمد بن جعفر، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي.
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة عن أبي موسى وبندار كلاهما عن غندر، وعن أبي موسى عن عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود، وأخرجه الترمذي في فضائل القرآن عن محمود بن غيلان.
قوله: (قرأ رجل) هو أسيد بن حضير. قوله: (الكهف)، أي: سورة الكهف. قوله: (تنفر)، بكسر الفاء: من النفرة. قوله: (فسلم)، أي: دعا بالسلامة، كما يقال: اللهم سلم، أو فوض الأمر إلى الله ورضي بحكمه، أو قال: سلام عليك. قوله: (ضبابة) هي سحابة تغشى الأرض كالدخان، وقال ابن فارس الضبابة: كل شيء كالغبار، وقال الداودي: قريب من السحاب وهو الغمام الذي لا يكون فيه مطر. قوله: (أو سحابة)، شك من الراوي قوله: (غشيته) أي: أحاطت به. قوله: (فلان) أي: يا فلان، معناه: كان ينبغي أن تستمر على القران وتغتنم ما حصل لك من نزول الرحمة وتستكثر من القراءة. قوله: (فإنها) أي: فإن الضبابة المذكورة هي السكينة. واختلفوا في معناها، فقيل: هي ريح هفافة ولها وجه كوجه الإنسان، وقيل: هي الملائكة وعليهم السكينة، والمختار: أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه ملائكة يستمعون القرآن.
5163 حدثنا محمد بن يوسف حدثنا أحمد بن يزيد بن إبراهيم أبو الحسن الحراني حدثنا زهير بن معاوية حدثنا أبو إسحاق سمعت البراء بن عازب يقول جاء أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلا فقال ل عازب ابعث ابنك يحمله معي قال فحملته معه وخرج أبي ينتقد ثمنه فقال له أبي يا أبا بكر حدثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 143 144 145 146 146 147 148 149 150 151 ... » »»