عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٣١٠
صلى الله عليه وسلم، حتى عاد إليه بعد الفجر. قلت: إذا قلنا إن ليلة الجن كانت متعددة، لا يبقى إشكال، وقد ذكرنا أنها كانت متعددة.
0683 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد قال أخبرني جدي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته فبينما هو يتبعه بها فقال من هاذا فقال أنا أبو هريرة فقال ابغني أحجارا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثه فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعتها إلى جنبه ثم انصرفت حتى إذا فرغ مشيت معه فقلت ما بال العظم والروثة قال هما من طعام الجن وإنه أتاني وفد جن نصيبين ونعم الجن فسألوني الزاد فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما. (انظر الحديث 551).
مطابقته للترجمة في قوله: (هما من طعام الجن...) إلى آخره. وموسى بن إسماعيل المنقري الذي يقال له: التبوذكي، وقد مر غير مرة، وعمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص. والحديث مضى في كتاب الطهارة في باب الاستنجاء بالحجارة، فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن محمد المكي عن عمرو بن يحيى... إلخ، ومضى الكلام فيه هناك.
قوله: (إبغني) أي: أطلب لي أحجارا، وهو من الثلاثي من باب رمى يرمي، يقال: بغيتك الشيء أي طلبته لك، وأبغيته أي: أعنتك على طلبه. قوله: (أستنفض بها) أي: أستنجي بها، وهو من نفض الثوب، لأن المستنجي ينفض عن نفسه الأذى بالحجر أي: يزيله ويدفعه. قوله: (وفد جن نصيبين)، الوفد: القوم يقدمون، ونصيبين: بلدة مشهورة بالجزيرة أعني جزيرة ابن عمر في الشرق، ووقع في كلام ابن التين: إنها في الشام وهو وهم وغلط. قوله: (طعاما) أي: حقيقة وذلك بعد أن يفضل من الإنس، وطعاما هكذا رواية السرخسي، وفي رواية غيره: طعما، قيل بالشم يكتفون. قلت: للناس في أكل الجن وشربهم ثلاثة أقوال: أحدها: أن جميع الجن لا يأكلون ولا يشربون، وهذا قول ساقط. الثاني: أن صنفا منهم يأكلون ويشربون، وصنفا منهم يأكلون ولا يشربون، وعن وهب: خالص الجن ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون، ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتوالدون ويتناكحون منهم: السعالي والغيلان والقطرب وغيرها. الثالث: أن جميع الجن يأكلون ويشربون لظاهر الأحاديث الصحيحة وعمومها، واختلف أصحاب هذا القول في أكلهم وشربهم، فقال بعضهم: أكلهم وشربهم تشمم واسترواح لا مضغ ولا بلع، وهذا قول لا يرد عليه دليل، وقال بعضهم: أكلهم وشربهم مضغ وبلع، وهذا القول هو الذي تشهد به الأحاديث الصحيحة.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310