عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٤٧
صلى الله عليه وسلم قال نعم أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس فنزلنا عنده وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكانا بيدي ينام عليه وبسطت فيه فروة وقلت نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك فنام وخرجت أنفض ما حوله فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي أردنا فقلت لمن أنت يا غلام فقال لرجل من أهل المدينة أو مكة قلت أفي غنمك لبن قال نعم قلت أفتحلب قال نعم فأخذ شاة فقلت انفض الضرع من التراب والشعر والقذى قال فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض فحلب في قعب كثبة من لبن ومعي إداوة حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم يرتوي منها يشرب ويتوضأ فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكرهت أن أوقظه فوافقته حين استيقظ فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله فقلت اشرب يا رسول الله قال فشرب حتى رضيت ثم قال ألم يأن للرحيل قلت بلى قال فارتحلنا بعد ما مالت الشمس واتبعنا سراقة بن مالك فقلت أتينا يا رسول الله فقال لا تحزن إن الله معنا فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فارتطمت به فرسه إلى بطنها أري في جلد من الأرض شك زهير فقال إني أراكما قد دعوتما علي فادعوا لي فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فنجا فجعل لا يلقى أحدا إلا قال كفيتكم ما هنا فلا يلقى أحدا إلا رده قال ووفى لنا..
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه معجزة ظاهرة لا تخفى على متأمل.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: محمد بن يوسف أبو أحمد البخاري البيكندي، سكن بغداد وهو من أفراده وصغار شيوخه، وشيخه الآخر محمد بن يوسف الفريابي أكبر من هذا وأقدم سماعا، وقد أكثر البخاري عنه. الثاني: أحمد بن يزيد من الزيادة ابن إبراهيم أبو الحسن الحراني، يعرف بالورتنيسي، بفتح الواو وسكون الراء وفتح المثناة من فوق وتشديد النون المكسورة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ثم سين مهملة. قلت: الورتنيس أحد أجداده وهو إبراهيم أبو أحمد الحاكم اسم الورتنيس إبراهيم. الثالث: زهير بن معاوية أبو خيثمة الجعفي. الرابع: أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي. الخامس: البراء بن عازب، رضي الله تعالى عنهم.
ذكر لطائف إسناده فيه: ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع وفي رواية: أخبرنا أحمد بن يزيد. وفيه: السماع. وفيه: القول في موضع واحد. وفيه: أن أحمد بن يزيد انفرد به البخاري دون الخمسة. وفيه: أن زهير بن حرب هو الذي روى هذا الحديث تاما عن أبي إسحاق وأبوه خديج وإسرائيل وروى شعبة منه قصة اللبن خاصة، وقد رواه عن أبي إسحاق مطولا أيضا حفيدة يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق وهو في: باب الهجرة إلى المدينة، لكنه لم يذكر منه قصة سراقة، وزاد فيه قصة غيرها.
ذكر معناه: قوله: (جاء أبو بكر) أي: الصديق، رضي الله تعالى عنه. قوله: (إلى أبي) هو عازب بن الحارث بن عدي الأوسي من قدماء الأنصار. قوله: (فاشترى منه رحلا) بفتح الراء وسكون الحاء المهملة، وهو للناقة كالسرج للفرس، وقيل: الرحل أصغر من القتب، واشتراه بثلاثة عشر درهما. قوله: (فقال لعازب ابعث ابنك يحمله) أي: يحمل الرحل معي. قوله: (قال: فحملت معه) أي: قال البراء: فحملت الرحل معه، وفي رواية إسرائيل التي تأتي في فضل أبي بكر، رضي الله تعالى عنه: أن عازبا امتنع من
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»