عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٤٥
قلت: الغرض بيان انتفاء الخوف من الكفار على المسلمين، ويحتمل أن يراد بها صنعاء الروم أو صنعاء دمشق: قرية في جانبها الغربي في ناحية الربوة. قال الجوهري: حضرموت اسم قبيلة أيضا. انتهى كلامه. قلت: قال ياقوت في (المشترك): صنعاء اليمن أعظم مدنها وأجلها تشبه دمشق في كثرة البساتين والمياه، وصنعاء قرية على باب دمشق من ناحية باب الفراديس واتصلت حيطانها بالعقبية وهي محلة في ظاهر دمشق. قلت: قوله لأنهما بلدان متقاربان، وليس كذلك، لأن بين عدن وصنعاء ثلاث مراحل، وبين حضرموت والشحر أربعة أيام، وبينه وبين عدن مسافة بعيدة، فعلى هذا يكون بين صنعاء وحضرموت أكثر من أربعة أيام. قوله: (أو الذئب) عطف على الاسم الأعظم، وإن أحتمل أن يعطف على المستثنى منه المقدر. قوله: (ولكنكم تستعجلون) وحاصل المعنى: لا تستعجلوا فإن من كان قبلكم قاسوا ما ذكرنا فصبروا، وأخبرهم الشارع بذلك ليقوى صبرهم على الأذى.
3163 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أزهر بن سعد حدثنا ابن عون قال أنبأنا موسى ابن أنس عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس فقال رجل يا رسول الله أنا أعلم لك علمه فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه فقال ما شأنك فقال شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله وهو من أهل النار فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا فقال موسى بن أنس فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة. (الحديث 3163 طرفه في: 6484).
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة)، لأن هذا أمر لا يطلع عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعيش حميدا ويموت شهيدا، فلما كان يوم اليمامة ثبت حتى قتل، وروى ابن أبي حاتم في (تفسيره): من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس، وفي قصة ثابت بن قيس، فقال في آخرها: قال أنس: قلنا: نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة كان في بعضنا بعض الانكشاف، فأقبل وقد تكفن وتحنط فقاتل حتى قتل.
ذكر رجاله وهم خمسة: علي بن عبد الله المعروف بابن المديني. وأزهر، بفتح الهمزة وسكون الزاي: ابن سعد الباهلي السمان البصري مات سنة ثلاث ومائتين. وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون المزني البصري. وموسى بن أنس بن مالك قاضي البصرة، وأنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه.
ذكر معناه: قوله: (أنبأنا موسى بن أنس)، ووقع في رواية أبي عوانة ورواية عبد الله بن أحمد عن ابن عون عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بدل موسى بن أنس، وأخرجه أبو نعيم عن الطبراني عنه، وقال: لا أدري ممن الوهم. وأخرجه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن ابن عون عن موسى بن أنس قال: لما نزلت: * (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) * (الحجرات: 2). قعد ثابت بن قيس في بيته... الحديث، وهذا صورته مرسل إلا أنه يقوي أن الحديث لابن عون عن موسى لا عن ثمامة. قوله: (افتقد ثابت بن قيس)، وقيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك، وهو الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج، وكان خطيب الأنصار وخطيب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا أنه قتل باليمامة شهيدا. قوله: (فقال رجل)، قيل: هو سعد بن معاذ، لما روى مسلم من وجه آخر من طريق حماد عن ثابت عن أنس، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، سعد بن معاذ، فقال: يا أبا عمرو ما شأن ثابت؟ اشتكى؟ فقال سعد: إنه لجاري وما علمت له شكوى، فإن قلت: الآية المذكورة نزلت في سنة الوفود بسبب الأقرع بن حابس وغيره، وكان ذلك في سنة تسع، وسعد بن معاذ مات قبل ذلك في بني قريظة، وذلك في سنة خمس؟ قلت: أجيب عن ذلك بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت، والذي نزل في قصة الأقرع أول السورة، وهو قوله: * (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * (الحجرات: 1). وقيل: الرجل المذكور هو سعد بن عبادة لما روى ابن المنذر في (تفسيره) من طريق سعيد بن بشر عن قتادة عن أنس في هذه القصة، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله هو جاري.. الحديث،
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 143 144 145 146 146 147 148 149 ... » »»