عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٢٦
الصعيد الطيب. قوله: (إلا ربا من أسفلها)، أي: زاد من أسفلها، أي: من الموضع الذي أخذت منه. قوله: (فإذا شيء)، أي: فإذا هو شيء كما كان أو أكثر، ويروى لها: فإذا هي شيء، أي البقية أو الأطعمة. قوله: (قال لامرأته) أي: قال أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، لامرأته: (يا أخت بني فراس) قال النووي: معناه: يا من هي من بني فراس، بكسر الفاء وتخفيف الراء وفي آخره سين مهملة، قال القاضي: فراس هو ابن غنم بن مالك بن كنانة، وقد تقدم أن أم رومان من ذرية الحارث بن غنم، وهو أخو فراس بن غنم، فلعل أبا بكر نسبها إلى بني فراس لكونهم أشهر من بني الحارث، وقد يقع مثل هذا كثيرا، وقيل: المعنى: يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس. قوله: (قالت: لا، وقرة عيني)، كلمة: لا، زائدة للتأكيد، ويحتمل أن تكون نافية، وثمة محذوف أي: لا شيء غير ما أقول، وهو قولها: وقرة عيني، والواو فيه للقسم، وقرة العين، بضم القاف وتشديد الراء: يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحب الإنسان، وقد طولنا الكلام فيه في كتاب الصلاة في: باب السمر مع الأهل والضيف. قوله: (لهي الآن أكثر)، بالثاء المثلثة، وقيل بالباء الموحدة. قوله: (ثلاث مرات) وقيل: ثلاث مرار. قوله: (فأكل منها) أي: من الأطعمة. قوله: (إنما كان الشيطان) يعني: إنما كان الشيطان الحامل على يمينه التي حلفها، وهي قوله: (والله لا أطعمه) وفي رواية مسلم: إنما كان ذلك من الشيطان، يعني: يمينه، وهذا أقرب. قوله: (فأصبحت عنده) أي: أصبحت الأطعمة التي في الجفنة عند النبي صلى الله عليه وسلم على حالها، وإنما لم يأكلوا منها في الليل لكون ذلك وقع بعد أن مضى من الليل مدة طويلة. قوله: (عهد)، أي: عهد مهادنة، ويروى: وكانت بيننا، والتأنيث باعتبار المهادنة. قوله: (فمضى العهد) أي: مضت مدة العهد. قوله: (ففرقنا) من التفريق، فالراء فيه مفتوحة والضمير المرفوع فيه يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكلمة: نا، مفعوله، و: الفاء، فيه فاء الفصيحة أي: فجاؤوا إلى المدينة، أي: جعل كل رجل مع اثني عشرة فرقة، وفي رواية مسلم: فعرفنا: بالعين المهملة والراء المشددة أي: جعلنا عرفاء نقباء على قومهم. وفيه: دليل لجواز تعريف العرفاء على العساكر ونحوها، وفي (سنن أبي داود): العرافة حق، ولما فيه من مصلحة الناس وليتيسر ضبط الجيوش على الإمام ونحوها باتخاذ العرفاء. فإن قلت: جاء في الحديث: العرفاء في النار. قلت: هو محمول على العرفاء المقصرين في ولايتهم المرتكبين فيها ما لا يجوز، وقال الكرماني: وفي بعض الروايات: فقرينا، بقاف وراء وياء آخر الحروف، من القرى، وهي: الضيافة. وقال بعضهم: ولم أقف على ذلك. قلت: لا يلزم من عدم وقوفه على ذلك الإنكار عليه، لأن من لم يقف على شيء أكثر ممن وقف عليه. قوله: (اثنا عشر رجلا) وفي رواية مسلم: اثني عشر، بالنصب وهو ظاهر، وأما رواي الرفع فعلى لغة من يجعل المثنى بالألف في الأحوال الثلاث، ومنه قوله تعالى: * (إن هذان لساحران) * (طه: 36). قوله: (غير أنه بعث) أي: غير أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معهم نصيب أصحابهم إليهم. قوله: (أو كما قال)، شك من أبي عثمان، والمعنى: أن جميع الجيش أكلوا من تلك الأطعمة التي أرسلها أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الجفنة، فظهر بذلك أن تمام البركة فيها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم، والذي وقع في بيت أبي بكر، رضي الله تعالى عنه، كان ظهور أوائل البركة فيها، والفوائد التي استفيدت من الحديث المذكور ذكرناها في: باب السمر مع الأهل والضيف.
2853 حدثنا مسدد حدثنا حماد عن عبد العزيز عن أنس وعن يونس عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه قال أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا هو يخطب يوم جمعة إذ قام رجل فقال يا رسول الله هلكت الكراع هلكت الشاء فادع الله يسقينا فمد يديه ودعا قال أنس وإن السماء كمثل الزجاجة فهاجت ريح أنشأت سحابا ثم اجتمع ثم أرسلت السماء عزاليها فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا فلم تزل تمتر إلى الجمعة الأخرى فقام إليه ذلك الرجل أو غيره فقال يا رسول الله تهدمت البيوت فادع الله يحبسه فتبسم ثم قال حوالينا ولا علينا فنظرت إلى السحاب تصدع حول المدينة كأنه إكليل..
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأخرج هذا الحديث في كتاب الاستسقاء مطولا ومختصرا من عشرة وجوه. الأول: عن
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»