عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٣١
7853 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة. وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام. وليأتين علي أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله.
مطابقته للترجمة ظاهرة، لأن فيه إخبارا عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن الأمور الآتية بعده، فوقعت من ذلك أشياء وستقع أخرى.
وأبو اليمان، بفتح الياء آخر الحروف: الحكم بن نافع، وأبو الزناد، بالزاي والنون: عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمن.
وهذا الحديث يتضمن أربعة أحاديث أولها: قتال الترك، أورده من وجهين: أحدهما: قوله: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر). والآخر: قوله: ( وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه) إلى قوله: (المطرقة)! وقد مر هذان في كتاب الجهاد في: باب قتال الترك، و: باب الذين ينتعلون الشعر. الثاني: هو قوله: (وتجدون) إلى قوله: (فيه). قوله: (لهذا الأمر) أي: الإمارة والحكومة. الثالث: قوله: (والناس معادن) إلى قوله: (في الإسلام)، وقد مر هذا في: باب المناقب عن أبي هريرة عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة. الرابع: هو قوله: (وليأتين...) إلخ. ولنتكلم في بعض ألفاظه وإن كان مكررا لزيادة الفائدة.
قوله: في الحديث الأول: (تقاتلوا قوما نعالهم الشعر)، وفي الثاني: (تقاتلوا الترك)، وهما جنسان من الترك كثيران، وقيل: المراد من القوم الأكراد، فوصف الأول بأن نعالهم الشعر، وقيل: المراد تطول شعورهم حتى تصير أطرافها في أرجلهم موضع النعال، وقيل: المراد أن نعالهم من شعر: بأن يجعلوها من شعر مضفور، وفي رواية لمسلم (يلبسون الشعور) وزعم ابن دحية: أن المراد القندس الذي يلبسونه في الشرابيش، قال: وهو جلد كلب الماء، ووصف الثاني بصغر العيون كأنها مثل خرق المسلة، وبحمرة الوجه كأن وجوههم مطلية بالصبغ الأحمر، وبذلافة الأنوف، فقال: (ذلف الأنوف) والذلف، بضم الذال المعجمة: جمع أذلف، وروي بالمهملة أيضا وهو: صغر الأنف مستوى الأرنبة، وقيل: الذلافة تشمير الأنف عن الشفة العليا، وجاء: فطس الأنوف، والفطاسة انفراش الأنف. قوله: (كالمجان)، وهو جمع: مجن، وهو الترس والمطرقة، بضم الميم وسكون الطاء وفتح الراء، وقال عياض: الصواب فيه المطرقة، بتشديد الراء، وذكر ابن دحية عن شيخه أبي إسحاق: أن الصواب سكون الطاء وفتح الراء، وهي التي أطرقت بالعقب أي: ألبست حتى غلظت فكأنها ترس على ترس، ومنه: طارقت النعل إذا ركبت جلدا على جلد وخرزته.
0953 حدثني يحيى حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا وكرمان من الأعاجم حمر الوجوه فطس الأنوف صغار الأعين كأن وجوههم المجان المطرقة نعالهم الشعر..
هذا طريق آخر من وجه آخر في حديث أبي هريرة، أخرجه عن يحيى بن موسى الذي يقال له: خت، أو هو يحيى بن جعفر البيكندي عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن همام بتشديد الميم: ابن منبه عن أبي هريرة.
قوله: (خوز) بضم الخاء المعجمة وبالزاي، قال الكرماني: خوز بلاد الأهواز، وتستر، (وكرمان) بفتح الكاف وكسرها، وهو المستعمل عند أهلها: هو بين خراسان وبحر الهند وبين عراق العجم وسجستان، والمعنى: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا أهل خوز وأهل كرمان. قوله: (من الأعاجم) يعني: هؤلاء الصنفين من الأعاجم، قيل: فيه إشكال لأن هؤلاء ليسوا من الترك، ورد بأنه: لا إشكال
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»