عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ١٦٩
آخره نون قوله ' أو ابن الدخشن ' بضم الدال وسكون الخاء وضم الشين وحكى كسر أوله والشك فيه من الراوي هل هو مصغر أم مكبر وعند البخاري في المحاربين من رواية معمر الدخشن بالنون مكبرا من غير شك وكذا في رواية مسلم من طريق يونس وعنده من طريق معمر بالشك ونقل الطبراني عن أحمد بن صالح أن الصواب الدخشن بالميم وهي رواية الطيالسي وكذا في رواية لمسلم عن أنس عن عتبان وكذا للطبراني من طريق النضر بن أنس عن أبيه قوله ' فقال بعضهم ' قيل هو عتبان راوي الحديث وبعضهم نسب هذا القول بأنه عتبان إلى ابن عبد البر وهو غير ظاهر لأنه قال لا يصح عن مالك النفاق وقد ظهر من حسن إسلامه ما يمنع من اتهامه وقال أيضا لم يختلف في شهود مالك بدرا وهو الذي أسر سهيل بن عمرو ثم ساق بإسناد حسن عن أبي هريرة ' أن رسول الله قال لمن تكلم فيه أليس قد شهد بدرا ' وذكر ابن إسحاق في المغازي أن النبي بعث مالكا هذا ومعن بن عدي فحرقا مسجد الضرار فدل ذلك كله أنه بريء مما اتهم به من النفاق (فإن قلت) إذا كان كذلك فكيف قال هذا القائل أنا نرى وجهه ونصيحته للمنافقين (قلت) لعل كان له عذر في ذلك كما كان لحاطب بن أبي بلتعة وهو أيضا ممن شهد بدرا ولعل الذي قال بالنظر إلى الظاهر ألا ترى أن النبي كيف قال عند قوله هذا ' فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ' وهذا إنكار لقوله هذا ويجوز أن يكون اتهامه إياه بالنفاق غير نفاق الكفر كذا قيل قوله ' لا تقل ذاك ' أي القول بأنه منافق قوله ' ألا تراه قد قال لا إله إلا الله ' وفي رواية الطيالسي ' أما يقول لا إله إلا الله ' وفي رواية مسلم ' أليس يشهد أن لا إله إلا الله ' قوله ' يريد بذلك وجه الله ' أي ذات الله وهذه شهادة من رسول الله بإيمانه باطنا وبراءته من النفاق ' فإنا نرى وجهه ' أي توجهه قوله ' ونصيحته للمنافقين ' ويروى ' إلى المنافقين ' وعلى هذه الرواية قال الكرماني (فإن قلت) يقال نصحت له لا إليه ثم أجاب عنه بقوله قد ضمن معنى الانتهاء وقال بعضهم الظاهر أن قوله ' إلى المنافقين ' متعلق بقوله ' وجهه ' فهو الذي يتعدى بإلى وأما متعلق ونصيحته فمحذوف للعلم به (قلت) كل منهما لم يمشي على قانون العربية لأن قوله ' ونصيحته ' عطف على قوله ' وجهه ' داخل في حكمه لأنه تابع وكلمة إلى تتعلق بقوله وجهه ولا يحتاج إلى دعوى حذف متعلق المعطوف لأنه يكتفي فيه بمتعلق المعطوف عليه قوله ' يبتغي ' أي يطلب بذلك وجه الله فيه رد على المرجئة الغلاة القائلين بأنه يكفي في الإيمان النطق فقط من غير اعتقاد (فإن قلت) لا بد من محمد رسول الله (قلت) قال الكرماني هذا إشعار لكلمة الشهادة بتمامها (قلت) هذا في حق المشرك وأما في حق غيره فلا بد من ذلك قوله ' فإن الله تعالى قد حرم على النار ' المراد من التحريم هنا تحريم التخليد جمعا بينه وبين ما ورد من دخول أهل المعصية فيها وتوفيقا بين الأدلة وعن الزهري أنه نزلت بعد هذا الحديث فرائض وأمور نرى أن الأمر انتهى إليها وعند الطبراني أنه من كلام عتبان واعترض ابن الجوزي وقال أن الصلوات الخمس فرضت بمكة قبل هذه القضية بمدة وظاهر الحديث يقتضي أن مجرد القول يدفع العذاب ولو ترك الصلاة وإنما الجواب أن من قالها مخلصا فإنه لا يترك العمل بالفرائض إذ إخلاص القول حامل على أداء اللازم أو أنه يحرم عليه خلوده فيها وقال ابن التين معناه إذا غفر له وتقبل منه أو يكون أراد نار الكافرين فإنها محرمة على المؤمنين فإنها كما قال الداودي سبعة أدراك والمنافقون في الدرك الأسفل من النار مع إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه قوله ' قال ابن شهاب ' وهو محمد بن مسلم الزهري أحد رواة الحديث وقال بعضهم أي قال ابن شهاب بالإسناد ووهم من قال أنه معلق (قلت) ظاهره التعليق فإنه قال قال ابن شهاب بدون العطف على ما قبله قوله ' ثم سألت الحصين بن محمد ' وفي رواية الكشميهني ' ثم سألت بعد ذلك الحصين ' بضم الحاء المهملة وبالصاد المهملة المفتوحة وهكذا ضبطه عند جميع الرواة إلا القابسي فإنه ضبطه بالضاد المعجمة وغلطوه في ذلك وهو الحصين بن محمد الأنصاري المدني من ثقات التابعين وقال الكرماني (فإن قلت) محمود كان عدلا فلم سأل الزهري غيره (قلت) إما للتقوية ولاطمئنان القلب وإما لأنه عرف أنه نقله مرسلا وإما لأنه تحمله حال الصبا واختلف في قبول المتحمل زمن الصبا قوله ' وهو من سراتهم ' أي الحصين بن محمد من سراة بني سالم والسراة بفتح السين جمع سرى وقال أبو عبيدة وهو المرتفع القدر وفي المحكم السرو المروءة والشرف سرو سراوة وسروا الأخيرة عن سيبويه واللحياني وسرى سروا وسرى يسري سراء ولم يحك اللحياني مصدر سرى إلا ممدودا ورجل
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»