بجنب داره فله ذلك، وإن قضى في داره جاز، والجامع أرفق المواضع بالناس وأجدر أن لا يخفى على أحد جلوسه ولا يوم حكمه، وقد كان الشعبي يقضي في الجامع، وشريح يقضي في المسجد ويخطب بالسواد، وقد قضى النبي في مسجده بين الأنصار في مواريث تقادمت، وكانت الأئمة يقضون في المساجد، وعثمان، رضي ا تعالى عنه في الحر يقيم في المسجد وقضى بين سقا وخصم له في المسجد، وإن حضر في المسجد لغير الحكم فحضر خصمان لم يكره له أن يحكم بينهما، وعن عمر بن عبد العزيز: لا يقعد القاضي في المسجد يدخل فيه المشركون، فإنهم نجس، وتلا الآية. وكان يحيى بن يعمر في الطريق، وقصده رجل إلى منزله فقال: القاضي لا يؤتى في منزله.
54 ((باب إذا دخل بيتا يصلى حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا دخل رجل بيت أحد يصلي فيه حيث شاء؟ وهمزة الاستفهام مقدرة فيه تقديره أيصلي حيث شاء؟ أو حيث أمر؟ أو يصلي حيث أمره صاحب البيت. وفي بعض النسخ هكذا بهمزة الاستفهام، والمعنى. على هذا وإلا لا يطابق الحديث الترجمة جميعا، ولا يطابق إلا الشق الثاني، وهو قوله، صلى ا تعالى عليه وسلم: (أين تحب أن أصلي لك من بيتك؟) وعن هذا قال ابن بطال: لا يقتضي لفظ الحديث أن يصلي حيث شاء، وإنما يقتضي أن يصلي حيث أمر، لقوله: أين تحب أن أصلي لك؟ فكأنه قال: باب دخل بيتا هل يصلي حيث شاء أو حيث أمر، لأنه استأذنه في موضع الصلاة ولم يصل حيث شاء، فيبطل حكم: حيث شاء، ويؤيد هذا قوله: ولا يتجسس، أي: ولا يتفحص موضعا يصلي فيه، وهو بالجيم، وقيل: بالحاء، والمعنى متقارب، والأول أظهر وأكثر.
85 - (حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك أن النبي أتاه في منزله فقال أين تحب أن أصلي لك من بيتك قال فأشرت له إلى مكان فكبر النبي فصففنا خلفه فصلى ركعتين) وجه مطابقة الحديث للترجمة قد ذكرناه (ذكر رجاله) وهم خمسة. الأول عبد الله بن مسلمة القعنبي. الثاني إبراهيم بن سعد سبط عبد الرحمن بن عوف. الثالث محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الرابع محمود بن الربيع بفتح الراء الخزرجي الأنصاري الصحابي. الخامس عتبان بكسر العين المهملة وضمها وسكون التاء المثناة من فوق بعدها الباء الموحدة الأنصاري السالمي المدني الأعمى وكان إمام قومه على عهد رسول الله روي له عشرة أحاديث للبخاري منها واحد قاله في الكمال مات بالمدينة زمن معاوية.
(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع وصرح أبو داود الطيالسي في مسنده بسماع إبراهيم بن سعد من ابن شهاب وفيه أن رواته كلهم مدنيون وفيه رواية الصحابي عن الصحابي.
(ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) هذا الحديث أخرجه البخاري مطولا ومختصرا في أكثر من عشرة مواضع ففي الصلاة عن هناد عن عبد الله بن مسلمة وعن حبان بن موسى وعن معاذ بن أسد وعن إسماعيل عن مالك وعن إسحاق عن يعقوب وعن سعيد بن عفير وفي الرقاق عن معاذ بن أسد وفي استتابة المرتدين عن عبدان وفي المغازي عن القعنبي وعن سعيد بن عفير وعن يحيى بن كثير وعن أحمد بن صالح وفي الأطعمة عن يحيى بن كثير وأخرجه مسلم أيضا في عدة مواضع ففي الصلاة عن حرملة وعن محمد بن رافع وعبد بن حميد وعن إسحاق بن إبراهيم وفي الإيمان عن شيبان بن فروخ عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس وعن أبي بكر بن نافع وأخرجه النسائي أيضا في مواضع ففي الصلاة عن هارون بن عبد الله وعن الحارث بن مسكين وعن نصر بن علي وفي اليوم والليلة عن أبي بكر بن نافع وعن محمد بن سلمة وعن عمرو بن علي وعن محمد بن علي بن ميمون. وأخرجه ابن ماجة في الصلاة عن أبي مروان محمد بن عثمان عن إبراهيم بن سعد بطوله *