عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٩٤
فمن يختتن فمن ههنا استفهامية قوله فبينما هم أصله بين أشبعت الفتحة فصار بينا ثم زيدت عليها ما. والمعنى واحد وقوله هم مبتدأ وعلى أمرهم خبره وقوله أتى هرقل جوابه وقد يأتي بإذ وإذا والأفصح تركهما والتقدير بين أوقات أمرهم إذ أتى وأراد بالأمر مشورتهم التي كانوا فيها قوله أرسل به جملة في محل الجر لأنها صفة لرجل ولم يسم هذا الرجل من هو ولا سمى من أحضره أيضا قوله أمختتن الهمزة فيه للاستفهام قوله هذا يملك هذه الأمة قد ظهر قد ذكرنا أن فيه ثلاث روايات يحتاج إلى توجيهها على الوجه المرضي ولم أر أحدا من الشراح قديما وحديثا شفى العليل ههنا ولا أروى الغليل وإنما رأيت شارحا نقل عن السهيلي وعن شيخ نفسه * أما الذي نقل عن السهيلي فهو قوله ووجهه السهيلي في أماليه بأنه مبتدأ وخبر أي هذا المذكور يملك هذه الأمة وهذا توجيه الرواية التي فيها هذا يملك هذه الأمة بالفعل المضارع وهذا فيه خدش لأن قوله قد ظهر يبقى سائبا من هذا الكلام * وأما الذي نقل عن شيخه فهو أنه قد وجه قول من قال أن يملك يجوز أن يكون نعتا أي هذا رجل يملك هذه الأمة فقال في توجيهه يجوز أن يكون المحذوف وهو الموصول على رأي الكوفيين أي هذا الذي يملك وهو نظير قوله * وهذا تحملين طليق * وهذا أيضا فيه خدش من وجهين أحدهما ما ذكرنا والآخر أن قوله وهو نظير قوله * وهذا تحملين طليق * قياس غير صحيح لأن البيت ليس فيه حذف وإنما فيه أن الكوفيين قالوا أن لفظة هذا ههنا بمعنى الذي تقديره والذي تحملين طليق * وأما البصريون فيمنعون ذلك ويقولون هذا اسم إشارة وتحملين حال من ضمير الخبر والتقدير وهذا طليق محمولا * فنقول بعون الله تعالى أما وجه الرواية التي فيها يملك بالفعل المضارع فإن قوله هذا مبتدأ وقوله يملك جملة من الفعل والفاعل في محل الرفع خبره وقوله هذه الأمة مفعول يملك وقوله قد ظهر جملة وقعت حالا وقد علم أن الماضي المثبت إذا وقع حالا لا بد أن يكون فيه قد ظاهرة أو مقدرة وأما وجه الرواية التي فيها ملك هذه الأمة بضم الميم وسكون اللام فإن قوله هذا يحتمل وجهين من الإعراب أحدهما أن يكون مبتدأ محذوف الخبر تقديره هذا الذي نظرته في النجوم والآخر أن يكون فاعلا لفعل محذوف تقديره جاء هذا أشار به إلى قوله ملك الختان قد ظهر وبكون قوله ملك هذه الأمة مبتدأ وقوله قد ظهر خبره وتكون هذه الجملة كالكاشفة للجملة الأولى فلذلك ترك العاطف بينهما وأما وجه الرواية التي فيها هذا ملك هذه الأمة قد ظهر بفتح الميم وكسر اللام فإن قوله هذا يكون إشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون مبتدأ وقوله ملك هذه الأمة خبره وقوله قد ظهر حال منتظرة والعامل فيها معنى الإشارة في هذا وروى هنا أيضا هذا بملك هذه الأمة بالباء الجارة فإن صحت هذه الرواية تكون الباء متعلقة بقوله قد ظهر وبكون التقدير هذا الذي رأيته في النجوم قد ظهر بملك هذه الأمة التي تختتن فافهم قوله بالرومية صفة لصاحب والباء ظرفية قوله إلى حمص مفتوح في موضع الجر لأنه غير منصرف للعلمية والتأنيث والعجمة وقال بعضهم يحتمل أن يجوز صرفه. قلت لا يحتمل أصلا لأن هذا القائل إنما غره فيما قاله سكون أوسط حمص فإن ما لا ينصرف إذا سكن أوسطه يكون في غاية الخفة وذلك يقاوم أحد السببين فيبقى الاسم بسبب واحد فيجوز صرفه ولكن هذا فيما إذا كان الاسم فيه علتان فبسكون الأوسط يبقى بسبب واحد وأما إذا كانت فيه ثلاث علل مثل ماه وجور فإنه لا ينصرف البتة لأن بعد مقاومة سكونه أحد الأسباب يبقى سببان وحمص كما ذكرنا فيها ثلاث علل فافهم قوله أنه نبي بفتح أن عطف على قوله على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأراد بالخروج الظهور قوله له في محل الجر لأنه صفة لدسكرة أي كائنة له وقوله بحمص يجوز أن يكون صفة لدسكرة ويجوز أن يكون حالا من هرقل قوله ثم اطلع أي خرج من الحرم وظهر على الناس قوله وأن يثبت بفتح أن وهي مصدرية عطف على قوله في الفلاح أي وهل لكم في ثبوت ملككم قوله وأيس من الإيمان جملة وقعت حالا بتقدير قد قوله آنفا قال بعضهم منصوب على الحال قلت لا يصح أن يكون حالا بل هو نصب على الظرف لأن معناه ساعة أو أول وقت كما ذكرنا قوله اختبر بها حال وقد علم أن المضارع المثبت إذا وقع حالا لا يجوز فيه الواو قوله آخر شأن هرقل أي آخر أمره في النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القضية لأنه وقعت له قصص أخرى بعد ذلك وآخر بالنصب هو الصحيح من الرواية لأنه خبر كان وقوله ذلك اسمه
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»