عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٩١
أي إلى أفواههم ويدل عليه رواية شرح السنة دعاهم لمجلسه قوله وحوله عظماء الروم الواو فيه للحال وحوله نصب على الظرف ولكنه في تقدير الرفع لأنه خبر المبتدأ أعني قوله عظماء الروم قوله ثم دعاهم عطف على قوله فدعاهم فإن قلت هذا تكرار فما الفائدة فيه قلت ليس بتكرار لأنه أولا دعاهم بأن أمر بإحضارهم من الموضع الذي كانوا فيه فلما حضروا استأذن لهم فتأمل زمانا حتى أذن لهم وهو معنى قوله ثم دعاهم ولهذا ذكره بكلمة ثم التي تدل على التراخي وهكذا عادة الملوك الكبار إذا طلبوا شخصا يحضرون به ويوقفونه على بابهم زمانا حتى يأذن لهم بالدخول ثم يؤذن لهم بالدخول ولا شك أن ههنا لا بد من دعوتين الدعوة في الحالة الأولى والدعوة في الحالة الثانية قوله ودعا ترجمانه بنصب الترجمان لأنه مفعول وعلى رواية بترجمانه تكون الباء زائدة لأن دعا يتعدى بنفسه كما في قوله تعالى * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * قوله فقال أيكم الفاء فيه فصيحة أيضا والضمير في قال يرجع إلى الترجمان والتقدير أي فقال هرقل للترجمان قل أيكم أقرب فقال الترجمان أيكم أقرب ثم أن لفظة أقرب إن كان أفعل التفضيل فلا بد أن تستعمل بأحد الوجوه الثلاثة الإضافة واللام ومن وقد جاء ههنا مجردا عنها وأيضا معنى القرب لا بد أن يكون من شيء فلا بد من صلة وأجيب بأن كليهما محذوفان والتقدير أيكم أقرب من النبي من غيركم قوله فقلت أنا أقربهم نسبا أي من حيث النسب وإنما كان أبو سفيان أقرب لأنه من بني عبد مناف وقد أوضح ذلك البخاري في الجهاد بقوله قال ما قرابتك منه قلت هو ابن عمي قال أبو سفيان ولم يكن في الركب من بني عبد مناف غيري انتهى. وعبد مناف هو الأب الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم وكذا لأبي سفيان وأطلق عليه ابن عم لأنه نزل كلا منهما منزلة جده فعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وأبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وإنما خص هرقل الأقرب لأنه أحرى بالاطلاع على أموره ظاهرا وباطنا أكثر من غيره ولأن الأبعد لا يؤمن أن يقدح في نسبه بخلاف الأقرب قوله فقال أي هرقل ادنوه مني وإنما أمر بإدنائه ليمعن في السؤال قوله فاجعلوهم عند ظهره أي عند ظهر أبي سفيان إنما قال ذلك لئلا يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب وقد صرح بذلك الواقدي في روايته قوله قل لهم أي لأصحاب أبي سفيان قوله هذا أشار به إلى أبي سفيان وأراد بقوله عن الرجل النبي صلى الله عليه وسلم والألف واللام فيه للعهد قوله فإن كذبني بالتخفيف فكذبوه بالتشديد أي فإن نقل إلى الكذب وقال لي خلاف الواقع. قوله فوالله من كلام أبي سفيان كما ذكرنا قوله لكذبت عنه جواب لولا قوله ثم كان أول بالرفع اسم كان وخبره قوله أن قال وأن مصدرية تقديره قوله وجاء النصب ووجهه أن يكون خبرا لكان فإن قلت أين اسم كان على هذا التقدير وما موضع قوله أن قال قلت يجوز أن يكون اسم كان ضمير الشأن ويكون قوله أن قال بدلا من قوله ما سألني عنه أو يكون التقدير بأن قال أي بقوله ويجوز أن يكون أن قال اسم كان وقوله أول ما سألني خبره والتقدير ثم كان قوله كيف نسبه فيكم أول ما سألني منه. قوله ذو نسب أي صاحب نسب عظيم والتنوين للتعظيم كما في قوله تعالى * (ولكم في القصاص حياة) * أي حياة عظيمة. قوله قط قد ذكرنا أنه لا يستعمل إلا في الماضي المنفي. فإن قلت فأين النفي ههنا قلت الاستفهام حكمه حكم النفي قوله قبله قبله نصب على الظرف وأما على رواية مثله بدل قبله يكون بدلا عن قوله هذا القول. قوله منكم أي من قومكم فالمضاف محذوف قوله فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فيه حذف همزة الاستفهام والتقدير اتبعه أشراف الناس أم اتبعه ضعفاؤهم وفي رواية البخاري في التفسير بهمزة الاستفهام ولفظه اتبعه أشراف الناس وأم ههنا متصلة معادلة لهمزة الاستفهام قوله بل ضعفاؤهم أي بل اتبعه ضعفاء الناس وكذلك الكلام في قوله أيزيدون أم ينقصون قوله سخطة نصب على التعليل ويجوز أن يكون نصبا على الحال على تأويل ساخطا قوله ونحن منه أي من الرجل المذكور وهو النبي صلى الله عليه وسلم في مدة أراد بها مدة الهدنة وهي صلح الحديبية نص عليه النووي وليس كذلك وإنما يريد غيبته عن الأرض وانقطاع أخباره صلى الله عليه وسلم عنه ولذلك قال ولم يمكني كلمة أدخل فيها شيئا لأن الإنسان قد يتغير ولا يدري الآن هل هو على ما فارقناه أو بدل شيئا وقال الكرماني في قوله لا ندري إشارة إلى أن عدم غدره غير مجزوم به قلت ليس كذلك بل لكون الأمر مغيبا عنه
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»