عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٩٣
بنيت على الضم وتسمى حينئذ غاية قوله بدعاية الإسلام أي أدعوك بالمدعو الذي هو الإسلام والباء بمعنى إلى وجوزت النحاة إقامة حروف الجر بعضها مقام بعض أي أدعوك إلى الإسلام. قوله أسلم تسلم كلاهما مجزومان الأول لأنه أمر والثاني لأنه جواب الأمر والأول بكسر اللام لأنه من أسلم. والثاني بفتحها لأنه مضارع من سلم قوله يؤتك الله مجزوم أيضا إما جواب ثان للأمر وإما بدل منه وإما جواب لأمر محذوف تقديره أسلم يؤتك الله على ما صرح به البخاري في الجهاد أسلم يؤتك الله وقال بعضهم يحتمل أن يكون الأمر الأول للدخول في الإسلام والثاني للدوام عليه كما في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله) * الآية * قلت الأصوب أن يكون من باب التأكيد والآية في حق المنافقين معناها يا أيها الذين آمنوا نفاقا آمنوا إخلاصا كذا في التفسير قوله ويا أهل الكتاب عطف هذا الكلام على ما قبله بالواو والذي يدل على الجمع والتقدير أدعوك بدعاية الإسلام وأدعوك بقول الله * (يا أهل الكتاب) * إلى آخره وأما الرواية التي سقطت فيها الواو فوجهها أن يكون قوله * (يا أهل الكتاب) * بيانا لقوله بدعاية الإسلام قوله * (تعالوا) * بفتح اللام وأصله تعاليوا تقول تعال تعاليا تعاليوا قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار تعالوا والمراد من أهل الكتاب أهل الكتابين اليهود والنصارى وقيل وفد نجران وقيل يهود المدينة قوله * (سواء) * أي مستوية بيننا وبينكم لا يختلف فيها القرآن والتوراة والإنجيل وتفسير الكلمة قوله * (أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) * يعني تعالوا إليها حتى لا نقول عزير ابن الله ولا المسيح ابن الله لأن كل واحد منهما بشر مثلنا ولا نطيع أحبارنا فيما أحدثوا من التحريم والتحليل من غير رجوع إلى ما شرع الله. قوله * (فإن تولوا) * أي عن التوحيد * (فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) * أي لزمتكم الحجة فوجب عليكم أن تعترفوا وتسلموا فإنا مسلمون دونكم وقال الزمخشري يجوز أن يكون من باب التعريض ومعناه اشهدوا اعترفوا بأنكم كافرون حيث توليتم عن الحق بعد ظهوره قوله فلما قال أي هرقل قوله ما قال جملة في محل النصب لأنها مفعول قال وما موصولة والعائد محذوف تقديره ما قاله من السؤال والجواب قوله أخرجنا على صيغة المجهول في الموضعين ويجوز أن يكون الثاني على صيغة المعلوم بفتح الراء فافهم قوله لقد أمر جواب القسم المحذوف أي والله لقد أمر قوله إنه يخافه بكسر إن لأنه كلام مستأنف ولا سيما جاء في رواية باللام في خبرها وقال بعضهم أنه يخافه بكسر الهمزة لا بفتحها لثبوت اللام في خبرها قلت يجوز فتحها أيضا وإن كان على ضعف على أنه مفعول من أجله وقد قرىء في الشواذ * (إلا إنهم ليأكلون) * بالفتح في أنهم والمعنى على الفتح في الحديث عظم أمره صلى الله عليه وسلم لأجل أنه يخافه ملك بني الأصفر قوله وكان ابن الناطور الواو فيه عاطفة لما قبلها داخلة في سند الزهري والتقدير عن الزهري أخبرني عبيد الله إلى آخره ثم قال الزهري وكان ابن الناطور يحدث فذكر هذه القصة فهي موصولة إلى ابن الناطور لا معلقة كما توهمه بعضهم وهذا موضع يحتاج فيه إلى التنبيه على هذا وعلى أن قصة ابن الناطور غير مروية بالإسناد المذكور عن أبي سفيان عنه وإنما هي عن الزهري وقد بين ذلك أبو نعيم في دلائل النبوة أن الزهري قال لقيته بدمشق في زمن عبد الملك بن مروان وقوله ابن الناطور كلام إضافي اسم كان وخبره قوله أسقف على اختلاف الروايات فيه وقوله صاحب إيلياء كلام إضافي يجوز فيه الوجهان النصب على الاختصاص والرفع على أنه صفة لابن الناطور أو خبر مبتدأ محذوف أي هو صاحب إيلياء وقال بعضهم نصب على الحال وفيه بعد قوله وهرقل بفتح اللام في محل الجر على أنه معطوف على إيلياء أي صاحب إيلياء وصاحب هرقل قوله يحدث جملة في محل الرفع لأنها خبر ثان لكان قوله أصبح خبر أن ويوما نصب على الظرف وخبيث النفس نصب على أنه خبر أصبح قوله قال ابن الناطور إلى قوله فقال لهم جمل معترضة بين سؤال بعض البطارقة وجواب هرقل إياهم قوله وكان هرقل حزاء عطف على مقدر تقديره قال ابن الناطور كان هرقل عالما وكان حزاء فلما حذف المعطوف عليه أظهر هرقل في المعطوف وحزاء نصب لأنه خبر كان قوله ينظر في النجوم خبر بعد خبر فعلى هذا محلها الرفع ويجوز أن يكون تفسيرا لقوله حزاء فحينئذ يكون محلها النصب قوله ملك الختان كلام إضافي مبتدأ وخبره قوله قد ظهر قوله
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»