عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٨٣
وضبطها الملك المؤيد بفتح الباء والمشهور على السنة الناس بالضم ولها قلعة ذات بناء وبساتين وهي على أربعة مراحل من دمشق مدينة أولية مبنية بالحجارة السود وهي من ديار بني فزارة وبني مرة وغيرهم وقال ابن عساكر فتحت صلحا في ربيع الأول لخمس بقين سنة ثلاث عشرة وهي أول مدينة فتحت بالشام قوله إلى مدائن ملكك جمع مدينة ويجمع أيضا على مدن بإسكان الدال وضمها قالوا المدائن بالهمز أفصح من تركه وأشهر وبه جاء القرآن قال الجوهري مدن بالمكان أقام به ومنه سميت المدينة وهي فعيلة وقيل مفعلة من دينت أي ملكت وقيل من جعله من الأول همزه ومن الثاني حذفه كما لا يهمز معايش وقال الجوهري والنسبة إلى المدينة النبوية مدني وإلى مدينة المنصور مديني وإلى مداين كسرى مدايني للفرق بين النسب لئلا تختلط. قلت ما ذكره محمول على الغالب وإلا فقد جاء فيه خلاف ذلك كما يجيء في أثناء الكتاب إن شاء الله تعالى قوله بالرومية بضم الراء وتخفيف الياء مدينة معروفة للروم وكانت مدينة رياستهم ويقال أن روماس بناها قلت. قد ذكرت في تاريخي أنها تسمى رومة أيضا وهي الرومية الكبرى وهي مدينة مشهورة على جانبي نهر الصغر وهي مقرة خليفة النصارى المسمى بالباب وهي على جنوبي حوز البنادقة وبلاد رومية غربي قلفرية وقال الإدريسي طول سورها أربعة وعشرون ميلا وهو مبني بالآجر ولها واد يشق وسط المدينة وعليه قناطير يجاز عليها من الجهة الشرقية إلى الغربية وقال أيضا امتداد كنيستها ستمائة ذراع في مثله وهي مسقفة بالرصاص ومفروشة بالرخام وفيها أعمدة كثيرة عظيمة وفي صدر الكنيسة كرسي من ذهب يجلس عليه الباب وتحته باب مصفح بالفضة يدخل منه إلى أربعة أبواب واحد بعد آخر يفضي إلى سرداب فيه مدفن بطرس حواري عيسى عليه الصلاة والسلام وفي الرومية كنيسة أخرى فيها مدفن بولص قوله إلى حمص بكسر الحاء وسكون الميم بلدة معروفة بالشام سميت باسم رجل من العمالقة اسمه حمص بن المهر بن حاف كما سميت حلب بحلب بن المهر وكانت حمص في قديم الزمان أشهر من دمشق وقال الثعلبي دخلها تسعمائة رجل من الصحابة افتتحها أبو عبيدة بن الجراح سنة ست عشرة قال الجواليقي وليست عربية تذكر وتؤنث قال البكري ولا يجوز فيها الصرف كما يجوز في هند لأنه اسم أعجمي وقال ابن التين يجوز الصرف وعدمه لقلة حروفه وسكون وسطه قلت إذا أنثته تمنعه من الصرف لأن فيه حينئذ ثلاث علل التأنيث والعجمة والعلمية فإذا كان سكون وسطه يقاوم أحد السببين يبقى بسببين أيضا وبالسببين يمنع من الصرف كما في ماه وجور ويقال سميت برجل من عاملة هو أول من نزلها وقال ابن حوقل هي أصح بلاد الشام تربة وليس فيها عقارب وحيات قوله في دسكرة بفتح الدال والكاف وسكون السين المهملة وهو بناء كالقصر حوله بيوت وليس بعربي وهي بيوت الأعاجم وفي جامع القزاز الدسكرة الأرض المستوية وقال أبو زكريا التبريزي الدسكرة مجتمع البساتين والرياض وقال ابن سيده الدسكرة الصومعة وأنشد الأخطل * في قباب حول دسكرة * حولها الزيتون قد ينعا * وفي المغيث لأبي موسى الدسكرة بناء على صورة القصر فيها منازل وبيوت للخدم والحشم وفي الجامع الدسكرة تكون للملوك تتنزه فيها والجمع الدساكرة وقيل الدساكر بيوت الشراب وفي الكامل للمبرد قال أبو عبيدة هذا الشعر مختلف فيه فبعضهم ينسبه إلى الأحوص وبعضهم إلى يزيد بن معاوية وقال علي بن سليمان الأخفش الذي صح أنه ليزيد وزعم ابن السيد في كتابه المعروف بالغرر شرح كامل المبرد أنه لأبي دهبل الجمحي وقال الحافظ مغلطاي بعد أن نقل أن البيت المذكور للأخطل وفيه نظر من حيث أن هذا البيت ليس للأخطل وذلك أني نظرت عدة روايات من شعره ليعقوب وأبي عبيدة والأصمعي والسكري والحسن بن المظفر النيسابوري فلم أر فيها هذا البيت ولا شيئا على رويه قلت قائله يزيد بن معاوية بن أبي سفيان من قصيدة يتغزل بها في نصرانية كانت قد ترهبت في دير خراب عند الماطرون وهو بستان بظاهر دمشق يسمى اليوم المنطور وأولها * آب هذا الليل فاكتنعا * وأمر النوم فامتنعا * * راعيا للنجم ارقبه * فإذا ما كوكب طلعا *
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»