عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٩٠
ففعل به مثل ما ذكرنا وكذا سائر مواده قوله بالكذب بفتح الكاف وكسر الذال مصدر كذب وكذلك الكذب بكسر الكاف وسكون الذال وقد ذكرناه مرة قوله يأتسي من الإيتساء من باب الافتعال ومادته همزة وسين وياء قوله ليذر الكذب أي ليدع الكذب وقد أماتوا ماضي هذا الفعل وفي العباب تقول ذره أي دعه وهو يذره أي يدعه وأصله وذره يذره مثال وسعه يسعه وقد أميت صدره ولا يقال وذره ولا واذره ولكن تركه وهو تارك إلا أن يضطر إليه شاعر وقيل هو من باب منع يمنع محمولا على ودع يدع لأنه بمعناه قالوا ولو كان من باب وحل يوحل لقيل في مستقبله يوذر كيوحل ولو لم يكن محمولا لم تخل عينه أو لامه من حروف الحلق وهذا القول أصح وإذا أردت ذكر مصدره فقل ذره تركا ولا تقل ذره وذرا قوله دحية أصله من دحوت الشيء دحوا أي بسطته قال تعالى * (والأرض بعد ذاك دحاها) * أي بسطها قوله الهدى مصدر من هداه يهديه وفي الصحاح الهدى الرشاد والدلالة يذكر ويؤنث يقال هداه الله للدين هدى وهديته الطريق والبيت هداية أي عرفته هذه لغة أهل الحجاز وغيرهم تقول هديته إلى الطريق وإلى الدار حكاهما الأخفش وهدى واهتدى بمعنى قوله بدعاية الإسلام بكسر الدال أي يدعوه وهو مصدر كالشكاية من شكى والرماية من رمى وقد تقام المصادر مقام الأسماء وفي رواية بداعية الإسلام على ما ذكرنا وهي أيضا بمعنى الدعوة وقد يجيء المصدر على وزن فاعلة كقوله تعالى * (ليس لوقعتها كاذبة) * أي كذب. قوله استنكرنا من الاستنكار من باب الاستفعال وأصل باب الاستفعال أن يكون للطلب وقد يخرج عن بابه وهذه اللفظة من هذا القبيل يقال استنكرت الشيء إذا أنكرته وقال الليث الاستنكار استفهامك أمرا تنكره قوله حزاء مبالغة حاز على وزن فعال بالتشديد قوله فلم يرم أصله يريم فلما دخل عليه الجازم حذفت الياء لالتقاء الساكنين وقد ذكرنا تفسيره قوله أيس على وزن فعل بكسر العين وقال ابن السكيت أيست منه يئيس إياسا أي قنطت لغة في يئست منه أيأس يأسا والإياس انقطاع الطمع (بيان الإعراب) قوله أن عبد الله بن عباس كلمة أن ههنا وفي أن أبا سفيان وفي أن هرقل مفتوحات في محل الجر بالباء المقدرة كما في قولك أخبرني أن زيدا منطلق والتقدير بأن زيدا منطلق أي أخبرني بانطلاق زيد قوله في ركب جملة في موضع النصب على الحال والتقدير أرسل هرقل إلى أبي سفيان حال كونه كائنا في جملة الركب وقوله من قريش في محل الجر على أنه صفة للركب وكلمة من تصلح أن تكون لبيان الجنس كما في قوله تعالى * (يلبسون ثيابا خضرا من سندس) * ويجوز أن تكون للتبعيض قوله وكانوا تجارا الواو فيه تصلح أن تكون للحال بتقدير قد فإن قلت في حال الطلب لم يكونوا تجارا قلت تقديره ملتبسين بصفة التجار قوله في المدة جملة في محل النصب على الحال والألف واللام فيها بدل من المضاف إليه أي في مدة الصلح بالحديبية قوله أبا سفيان بالنصب مفعول لقوله ماذا قوله وكفار قريش كلام إضافي منصوب عطفا على أبا سفيان ويجوز أن يكون مفعولا معه قوله فأتوه الفاء فيه فصيحة إذ تقدير الكلام فأرسل إليه في طلب إتيان الركب إليه فجاء الرسول فطلب إتيانهم فأتوه ونحوه قوله تعالى * (فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت) * أي فضرب فانفجرت * فإن قلت ما معنى فاء الفصيحة قلت سميت بها لأنها يستدل بها على فصاحة المتكلم وهذا إنما سموها بها على رأي الزمخشري وهي تدل على محذوف هو سبب لما بعدها سواء كان شرطا أو معطوفا وقال الزمخشري في قوله تعالى * (فانفجرت) * الفاء متعلقة بمحذوف أي فضرب فانفجرت أو فإن ضربت فقد انفجرت كما ذكرنا في قوله تعالى * (فتاب عليكم) * وهي على هذا فاء فصيحة لا تقع إلا في كلام فصيح * فإن قلت هم في أين موضع كانوا حتى أرسل إليهم أبو سفيان قلت في الجهاد في البخاري أن الرسول وجدهم ببعض الشام وفي رواية أبي نعيم في الدلائل تعيين الموضع وهي غزة قال وكانت وجه متجرهم وكذا رواه ابن إسحاق في المغازي عن الزهري قوله وهم بإيلياء الواو فيه للحال والباء في بإيلياء بمعنى في. قوله فدعاهم في مجلسه الضمير المرفوع في فدعاهم يرجع إلى هرقل والمنصوب إلى أبي سفيان ومن معه وقوله في مجلسه حال أي في حال كونه في مجلسه فإن قلت دعا يستعمل بكلمة إلى يقال دعا إليه قال الله تعالى * (والله يدعو إلى دار السلام) * وكان ينبغي أن يقال فدعاهم إلى مجلسه قلت دعا ههنا من قبيل قولهم دعوت فلانا أي صحت به وكلمة في لا تتعلق به ولا هي صلته وإنما هي حال كما ذكرنا تتعلق بمحذوف وتقديره كما ذكرنا أو تكون في بمعنى إلى كما في قوله تعالى * (فردوا أيديهم في أفواههم) *
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»