عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٦٢
وتحقق رسالة ربه فقد خاف أن يكون من الشيطان فأما بعد أن جاءه الملك بالرسالة فلا يجوز الشك عليه فيه ولا يخشى تسلط الشيطان عليه وقال النووي هذا ضعيف لأنه خلاف تصريح الحديث فإن هذا كان بعد غط الملك وإتيانه بإقرأ باسم ربك قال قلت إلا أن يكون معنى خشيت على نفسي أن يخبرها بما حصل له أولا من الخوف لا أنه خائف في حال الإخبار فلا يكون ضعيفا * الحادي عشر من الأسئلة ما قيل من أين علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجائي إليه جبريل عليه الصلاة والسلام لا الشيطان وبم عرف أنه حق لا باطل أجيب بأنه كما نصب الله لنا الدليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق لا كاذب وهو المعجزة كذلك نصب للنبي صلى الله عليه وسلم دليلا على أن الجائي إليه ملك لا شيطان وأنه من عند الله لا من غيره * الثاني عشر ما قيل ما الحكمة في فتور الوحي مدة أجيب بأنه إنما كان كذلك ليذهب ما كان صلى الله عليه وسلم وجده من الروع وليحصل له التشوق إلى العود * الثالث عشر ما قيل ما كان مدة الفترة أجيب بأنه وقع في تاريخ أحمد بن حنبل عن الشعبي أن مدة فترة الوحي كانت ثلاث سنين وبه جزم ابن إسحاق وحكى البيهقي أن مدة الرؤيا كانت ستة أشهر وعلى هذا فابتداء النبوة بالرؤيا وقع في شهر مولده وهو ربيع الأول وابتداء وحي اليقظة وقع في رمضان وليس فترة الوحي المقدرة بثلاث سنين وهو ما بين نزول اقرأ أو يا أيها المدثر عدم مجيء جبريل عليه السلام إليه بل تأخر نزول القرآن عليه فقط * الرابع عشر ما قيل ما الحكمة في تخصيصه صلى الله عليه وسلم التعبد بحراء من بين سائر الجبال أجيب بأن حراء هو الذي نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال له ثبير اهبط عني فإني أخاف أن تقتل على ظهري فاعذرني يا رسول الله فلعل هذا هو السر في تخصيصه به وقال أبو عبد الله بن أبي جمرة لأنه يرى بيت ربه منه وهو عبادة وكان منزويا مجموعا لتحنثه. الخامس عشر ما قيل أن قوله ثم لم ينشب ورقة أن توفي يعارضه ما روي في سيرة ابن إسحاق أن ورقة كان يمر ببلال وهو يعذب لما أسلم وهذا يقتضي أنه تأخر إلى زمن الدعوة وإلى أن دخل بعض الناس في الإسلام أجيب بأنا لا نسلم المعارضة فإن شرط التعارض المساواة وما روي في السيرة لا يقاوم الذي في الصحيح ولئن سلمنا فلعل الراوي لما في الصحيح لم يحفظ لورقة بعد ذلك شيئا من الأمور فلذلك جعل هذه القصة انتهاء أمره بالنسبة إلى ما علمه منه لا بالنسبة إلى ما في نفس الأمر * السادس عشر ما وجه تخصيص ورقة بن نوفل ناموس النبي بالناموس الذي أنزل على موسى عليه الصلاة والسلام دون سائر الأنبياء مع أن لكل نبي ناموسا أجيب بأن الناموس الذي أنزل على موسى ليس كناموس الأنبياء فإنه أنزل عليه كتاب بخلاف سائر الأنبياء فمنهم من نزل عليه صحف ومنهم من نبىء بأخبار جبريل عليه السلام ومنهم من نبىء بأخبار ملك الرصاف (استنباط الأحكام) وهو على وجوه * الأول فيه تصريح من عائشة رضي الله تعالى عنها بأن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم من جملة أقسام الوحي وهو محل وفاق * الثاني فيه مشروعية اتخاذ الزاد ولا ينافي التوكل فقد اتخذه سيد المتوكلين * الثالث فيه الحض على التعليم ثلاثا بما فيه مشقة كما فتل الشارع أذن ابن عباس في إدارته على يمينه في الصلاة وانتزع شريح القاضي من هذا الحديث أن لا يضرب الصبي إلا ثلاثا على القرآن كما غط جبريل محمدا عليهما الصلاة والسلام ثلاثا * الرابع فيه دليل للجمهور أن سورة * (اقرأ باسم ربك) * أول ما نزل وقول من قال أن أول ما نزل * (يا أيها المدثر) * عملا بالرواية الآتية في الباب فأنزل الله تعالى * (يا أيها المدثر) * محمول على أنه أول ما نزل بعد فترة الوحي وأبعد من قال أن أول ما نزل الفاتحة بل هو شاذ وجمع بعضهم بين القولين الأولين بأن قال يمكن أن يقال أول ما نزل من التنزيل في تنبيه الله على صفة خلقه (اقرأ) وأول ما نزل من الأمر بالإنذار * (يا أيها المدثر) * وذكر ابن العربي عن كريب قال وجدنا في كتاب ابن عباس أول ما نزل من القرآن بمكة اقرأ والليل ونون ويا أيها المزمل ويا أيها المدثر وتبت وإذا الشمس والأعلى والضحى وألم نشرح لك والعصر والعاديات والكوثر والتكاثر والدين ثم الفلق ثم الناس ثم ذكر سورا كثيرة ونزل بالمدينة ثمانية وعشرون سورة وسائرها بمكة وكذلك يروى عن ابن الزبير. وقال السخاوي ذهبت عائشة رضي الله عنها والأكثرون إلى أن أول ما نزل * (اقرأ باسم ربك) * إلى قوله * (ما لم يعلم) * ثم ن والقلم إلى قوله ويبصرون ويا أيها المدثر والضحى ثم نزل باقي سورة اقرأ بعد يا أيها المدثر ويا أيها المزمل * الخامس قال السهيلي في قوله * (اقرأ
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»