عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٥٧
وليس هو بعطف على أن ينزع لفساد المعنى قوله لذلك أي للخلو أو للتعبد قوله لمثلها أي لمثل الليالي قوله حتى جاءه الحق كلمة حتى ههنا للغاية وههنا محذوف والتقدير حتى جاءه الأمر الحق وهو الوحي الكريم قوله فجاءه الملك الألف واللام فيه للعهد أي جبريل عليه السلام وهذه الفاء ههنا الفاء التفسيرية نحو قوله تعالى * (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم) * إذ القتل نفس التوبة على أحد التفاسير وتسمى بالفاء التفصيلية أيضا لأن مجيء الملك تفصيل للمجمل الذي هو مجيء الحق ولا شك أن المفصل نفس المجمل ولا يقال أنه تفسير الشيء بنفسه لأن التفسير وإن كان عين المفسر به من جهة الإجمال فهو غيره من جهة التفصيل ولا يجوز أن تكون الفاء هنا الفاء التعقيبية لأن مجيء الملك ليس بعد مجيء الوحي حتى يعقب به بل مجىء الملك هو نفس الوحي هكذا قالت الشراح وفيه بحث لأنه يجوز أن يكون المراد من قوله حتى جاءه الحق الإلهام أو سماع هاتف ويكون مجىء الملك بعد ذلك بالوحي فحينئذ يصح أن تكون الفاء للتعقيب قوله فقال اقرأ الفاء هنا للتعقيب قوله ما أنا بقارئ قالت الشراح كلمة ما نافية واسمها هو قوله أنا وخبرها هو قوله بقارئ ثم الباء فيه زائدة لتأكيد النفي أي ما أحسن القراءة وغلطوا من قال أنها استفهامية لدخول الباء في الخبر وهي لا تدخل على ما الاستفهامية ومنعوا استنادهم بما جاء في رواية ما أقرأ بقولهم يجوز أن يكون ما ههنا أيضا نافية قلت تغليطهم ومنعهم ممنوعان أما قولهم أن الباء لا تدخل على ما الاستفهامية فهو ممنوع لأن الأخفش جوز ذلك أما قولهم يجوز أن يكون ما في رواية ما أقرأ نافية فاحتمال بعيد بل الظاهر أنها استفهامية تدل على ذلك رواية أبي الأسود في مغازيه عن عروة أنه قال كيف أقرأ والعجب من شارح أنه ذكر هذه الرواية في شرحه وهي تصرح بأن ما استفهامية ثم غلط من قال أنها استفهامية قوله الجهد بالرفع والنصب أما الرفع فعلى كونه فاعلا لبلغ يعني بلغ الجهد مبلغه فحذف مبلغه وأما النصب فعلى كونه مفعولا والفاعل محذوف يجوز أن يكون التقدير بلغ مني الجهد الملك أو بلغ الغط مني الجهد أي غاية وسعى وقال التوربشتي لا أرى الذي يروي بنصب الدال إلا قد وهم فيه أو جوزه بطريق الاحتمال فإنه إذا نصب الدال عاد المعنى إلى أنه غطه حتى استفرغ قوته في ضغطه وجهد جهده بحيث لم يبق فيه مزيد وقال الكرماني وهذا قول غير سديد فإن البنية البشرية لا تستدعي استنفاد القوة الملكية لا سيما في مبدأ الأمر وقد دلت القصة على أنه اشمأز من ذلك وتداخله الرعب وقال الطيبي لا شك أن جبريل عليه السلام في حالة الغط لم يكن على صورته الحقيقية التي تجلى بها عند سدرة المنتهى وعندما رآه مستويا على الكرسي فيكون استفراغ جهده بحسب صورته التي تجلى له وغطه وإذا صحت الرواية اضمحل الاستبعاد قوله فرجع بها أي بالآيات وهي قوله * (اقرأ باسم ربك) * إلى آخرهن وقال بعضهم أي بالآيات أو بالقصة فقوله أو بالقصة لا وجه له أصلا على ما لا يخفى قوله يرجف فؤاده جملة في محل النصب على الحال وقد علم أن المضارع إذا كان مثبتا ووقع حالا لا يحتاج إلى الواو قوله وأخبرها الخبر جملة حالية أيضا قوله لقد خشيت اللام فيه جواب القسم المحذوف أي والله لقد خشيت وهو مقول قال قوله فانطلقت به خديجة أي انطلقا إلى ورقة لأن الفعل اللازم إذا عدى بالباء يلزم منه المصاحبة فيلزم ذهابهما بخلاف ما عدى بالهمزة نحو أذهبته فإنه لا يلزم ذلك قوله ابن عم خديجة قال النووي هو بنصب ابن ويكتب بالألف لأنه بدل من ورقة فإنه ابن عم خديجة لأنها بنت خويلد بن أسد وهو ورقة بن نوفل بن أسد ولا يجوز جر ابن ولا كتابته بغير الألف لأنه يصير صفة لعبد العزى فيكون عبد العزى ابن عم خديجة وهو باطل. وقال الكرماني كتابة الألف وعدمها لا تتعلق بكونه متعلقا بورقة أو بعبد العزى بل علة إثبات الألف عدم وقوعه بين العلمين لأن العم ليس علما ثم الحكم بكونه بدلا غير لازم لجواز أن يكون صفة أو بيانا له قلت ما ادعى النووي لزوم البدل حتى يخدش في كلامه فإنه وجه ذكره ومثل ذلك عبد الله بن مالك ابن بحينة ومحمد بن علي ابن الحنفية والمقداد بن عمرو ابن الأسود وإسماعيل بن إبراهيم ابن علية وإسحاق بن إبراهيم ابن راهويه وأبو عبد الله بن يزيد ابن ماجة فبحينة أم عبد الله والحنفية أم محمد والأسود ليس بجد المقداد وإنما هو قد تبناه وعلية أم إسماعيل وراهويه لقب إبراهيم وماجه لقب يزيد وكل ذلك يكتب بالألف ويعرب بإعراب الأول ومثل ذلك عبد الله بن أبي ابن سلول بتنوين أبي ويكتب ابن سلول بالألف ويعرب إعراب عبد الله في الأصح قوله ما شاء
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»