عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٦٧
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أتى بواو العطف وإلا فمقول القول لا يكون بالواو ونحوه فافهم قوله أن جابر بن عبد الله بفتح أن لأنها في محل النصب على المفعولية قوله وهو يحدث جملة اسمية وقعت حالا أي قال في حالة التحديث عن احتباس الوحي عن النزول أو قال جابر في حالة التحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله بينا أصله بين بلا ألف فأشبعت الفتحة فصارت ألفا ويزاد عليها ما فيصير بينما ومعناهما واحد وهو من الظروف الزمانية اللازمة للإضافة إلى الجملة الإسمية والعامل فيه الجواب إذا كان مجردا من كلمة المفاجأة وإلا فمعنى المفاجأة المتضمنة هي إياها ويحتاج إلى جواب يتم به المعنى وقيل اقتضى جوابا لأنها ظرف يتضمن المجازاة والأفصح في جوابه إذ وإذا خلافا للأصمعي والمعنى أن في أثناء أوقات المشي فاجأني السماع قوله إذ سمعت جواب بينا على ما ذكرنا قوله فإذا الملك كلمة إذا ههنا للمفاجأة وهي تختص بالجمل الإسمية ولا تحتاج إلى الجواب ولا يقع في الابتداء ومعناها الحال لا الاستقبال نحو خرجت فإذا الأسد بالباب وهي حرف عند الأخفش واختاره ابن مالك وظرف مكان عند المبرد واختاره ابن عصفور وظرف زمان عند الزجاج واختاره الزمخشري. فإن قلت ما الفاء في فإذا قلت زائدة لازمة عند الفارسي والمازني وجماعة وعاطفة عند أبي الفتح وللسببية المحضة عند أبي إسحاق قوله جالس بالرفع كذا في البخاري وفي مسلم جالسا بالنصب قال النووي كذا هو في الأصول وجاء في رواية فإذا الملك الذي جاءني بحراء واقف بين السماء والأرض وفي طريق آخر على عرش بين السماء والأرض ولمسلم فإذا هو على العرش في الهواء وفي رواية على كرسي وهو تفسير العرش المذكور. قال أهل اللغة العرش السرير فإن قلت وجه الرفع ظاهر لأنه خبر عن الملك الذي هو مبتدأ وقوله الذي جاءني بحراء صفته فما وجه النصب قلت على الجملة الحالية من الملك فإن قلت إذا نصب جالسا على الحال فماذا يكون خبر المبتدأ وقد قلت أن إذا المفاجأة تختص بالاسمية قلت حينئذ يكون الخبر محذوفا مقدرا ويكون التقدير فإذا الملك الذي جاءني بحراء شاهدته حال كونه جالسا على كرسي أو نحو ذلك قوله بين السماء والأرض ظرف ولكنه في محل الجر لأنه صفة لكرسي والفاء في فرعبت تصلح للسببية وكذا في فرجعت لأن رؤية الملك على هذه الحالة سبب لرعبه ورعبه سبب لرجوعه والفاء في فقلت وفي فأنزل الله على أصلها للتعقيب قوله وربك منصوب بقوله * (فكبر وثيابك) * بقوله * (فطهر والرجز) * بقوله * (فاهجر) * * فإن قلت ما ألفا آت في الآية قلت الفاء في * (فأنذر) * تعقيبية وبقية الفاآت كالفاء في قوله تعالى * (بل الله فاعبد) * فقيل جواب لا ما مقدرة وقيل زائدة وإليه مال الفارسي وعند الأكثرين عاطفة والأصل تنبه فاعبد الله ثم حذف تنبه وقدم المنصوب على الفاء إصلاحا للفظ لئلا تقع الفاء صدرا قوله فحمي الفاء فيه عاطفة والتقدير فبعد إنزال الله هذه الآية حمي الوحي (استنباط الفوائد) منها الدلالة على وجود الملائكة ردا على زنادقة الفلاسفة * ومنها إظهار قدرة الله تعالى إذ جعل الهواء للملائكة يتصرفون فيه كيف شاؤوا كما جعل الأرض لبني آدم يتصرفون فيها كيف شاؤوا فهو ممسكهما بقدرته ومنها أنه عبر بقوله فحمي تتميما للتمثيل الذي مثلت به عائشة أولا وهو كونها جعلت الرؤيا كمثل فلق الصبح فإن الضوء لا يشتد إلا مع قوة الحر والحق ذلك بتتابع لئلا يقع التمثيل بالشمس من كل الجهات لأن الشمس يلحقها الأفول والكسوف ونحوهما وشمس الشريعة باقية على حالها لا يلحقها نقص (وتابعه عبد الله بن يوسف وأبو صالح وتابعه هلال بن رداد عن الزهري وقال يونس ومعمر بوادره) تابعه فعل ومفعول وعبد الله فاعله والضمير يرجع إلى يحيى بن بكير شيخ البخاري المذكور في أول الحديث المذكور آنفا وقوله وأبو صالح عطف على عبد الله بن يوسف وهو أيضا تابع يحيى بن بكير والحاصل أن عبد الله بن يوسف وأبا صالحا تابعا يحيى بن بكير في الرواية عن الليث بن سعد فرواه عن الليث ثلاثة يحيى بن بكير وعبد الله بن يوسف وأبو صالح. أما متابعة عبد الله بن يوسف ليحيى بن بكير في روايته عن الليث بن سعد فأخرجها البخاري في التفسير والأدب وأخرجه مسلم في الإيمان عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به والترمذي في التفسير عن عبد الله بن حميد عن عبد الرازق به وقال حسن صحيح وأخرجه النسائي في التفسير أيضا عن محمود بن خالد عن عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي به وعن محمد بن رافع عن محمد بن المثنى عن الليث عن ابن شهاب به * وأما رواية أبي صالح عن الليث بهذا الحديث
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»