عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٦٤
القس وقال النبي صلى الله عليه وسلم رأيته وعليه حلة خضراء يرفل في الجنة وكان يذكر الله في شعره في الجاهلية ويسبحه فمن ذلك قوله * لقد نصحت لأقوام وقلت لهم * أنا النذير فلا يغرركم أحد * * لا تعبدن إلها غير خالقكم * فإن دعوكم فقولوا بيننا جدد * * سبحان ذي العرش سبحانا لعود له * وقبله سبح الجودي والجمد * * مسخر كل ما تحت السماء له * لا ينبغي أن ينادي ملكه أحد * * لا شيء مما ترى تبقى بشاشته * يبقى الإله ويفنى المال والولد * * لم تغن عن هرمز يوما خزائنه * والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا * * ولا سليمان إذ تجري الرياح له * والإنس والجن فيما بينها برد * * أين الملوك التي كانت لعزتها * من كل أوب إليها وافد يفد * * حوض هنالك مورود بلا كدر * لا بد من ورده يوما كما وردوا * نسبه أبو الفرج إلى ورقة وفيه أبيات تنسب إلى أمية بن أبي الصلت ومن شعره قوله * فإن يك حقا يا خديجة فاعلمي * حديثك إيانا فأحمد مرسل * * وجبريل يأتيه وميكال معهما * من الله وحي يشرح الصدر منزل) * الثالثة) أنه قد عرفت أن خديجة هي التي انطلقت بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ورقة وقد جاء في السيرة من حديث عمرو بن شرحبيل أن الصديق رضي الله عنه دخل على خديجة وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها ثم ذكرت خديجة له ما رآه فقالت يا عتيق اذهب مع محمد إلى ورقة فلما دخل صلى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده فقال انطلق بنا إلى ورقة فقال ومن أخبرك فقال خديجة فانطلقا إليه فقصا عليه فقال إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في الأرض فقال له لا تفعل إذ أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد قل * (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين) * حتى بلغ * (ولا الضالين) * قل لا إله إلا الله فأتى ورقة فذكر ذلك له فقال له ورقة أبشر ثم أبشر فأنا أشهد بأنك الذي بشر به عيسى ابن مريم وإنك على مثل ناموس موسى وإنك نبي مرسل وإنك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا ولئن أدركني ذاك لأجاهدن معك فلما توفي ورقة قال صلى الله عليه وسلم لقد رأيت القس في الجنة وعليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني يعني ورقة وفي سير سليمان بن طرحان التيمي أنها ركبت إلى بحيرا بالشام فسألته عن جبريل عليه السلام فقال لها قدوس يا سيدة قريش أنى لك بهذا الاسم فقالت بعلي وابن عمي أخبرني أنه يأتيه فقال ما علم به إلا نبي فإنه السفير بين الله وبين أنبيائه وأن الشيطان لا يجترىء أن يتمثل به ولا أن يتسمى باسمه. وفي الأوائل لأبي هلال من حديث سويد بن سعيد حدثنا الوليد بن محمد عن الزهري عن عروة عن عائشة أن خديجة رضي الله عنها خرجت إلى الراهب ورقة وعداس فقال ورقة أخشى أن يكون أحد شبه بجبريل عليه السلام فرجعت وقد نزل * (ن والقلم وما يسطرون) * فلما قرأ صلى الله عليه وسلم هذا على ورقة قال أشهد أن هذا كلام الله تعالى. فإن قلت ما التوفيق بين هذه الأخبار قلت بأن تكون خديجة قد ذهبت به مرة وأرسلته مع الصديق أخرى وسافرت إلى بحيرا أو غيره مرة أخرى وهذا من شدة اعتنائها بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم (قال ابن شهاب وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت زملوني زملوني فأنزل الله تعالى * (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) * فحمى الوحي وتتابع) *
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»