عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٦٣
باسم ربك) * دليل من الفقه على وجوب استفتاح القراءة ببسم الله غير أنه أمر مبهم لم يتبين له بأي اسم من أسمائه يستفتح حتى جاء البيان بعد في قوله * (بسم الله مجراها ومرساها) * ثم في قوله * (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) * ثم بعد ذلك كان ينزل جبريل ببسم الله الرحمن الرحيم مع كل سورة وقد ثبتت في سواد المصحف بإجماع من الصحابة على ذلك وحين نزلت بسم الله الرحمن الرحيم سبحت الجبال فقالت قريش سحر محمد الجبال ذكره النقاش قلت دعوى الوجوب تحتاج إلى دليل وكذلك دعوى نزول جبريل عليه السلام ببسم الله الرحمن الرحيم مع كل سورة وثبوتها في سواد المصحف لا يدل على وجوب قراءتها وما ذكره النقاش في تفسيره فقد تكلموا فيه * السادس فيه أن الفازع لا ينبغي أن يسأل عن شيء حتى يزول عنه فزعه حتى قال مالك أن المذعور لا يلزمه بيع ولا إقرار ولا غيره * السابع فيه أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع الشر والمكاره فمن كثر خيره حسنت عاقبته ورجى له سلامة الدين والدنيا * الثامن فيه جواز مدح الإنسان في وجهه لمصلحة ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم (احثوا في وجوه المداحين التراب) لأن هذا فيما يمدح بباطل أو يؤدي إلى باطل * التاسع فيه أنه ينبغي تأنيس من حصلت له مخافة وتبشيره وذكر أسباب السلامة له * العاشر فيه أبلغ دليل على كمال خديجة رضي الله تعالى عنها وجزالة رأيها وقوة نفسها وعظم فقهها وقد جمعت جميع أنواع أصول المكارم وأمهاتها فيه صلى الله عليه وسلم لأن الإحسان إما إلى الأقارب وإما إلى الأجانب وإما بالبدن وإما بالمال وإما على من يستقل بأمره وإما على غيره * الحادي عشر فيه جواز ذكر العاهة التي بالشخص ولا يكون ذلك غيبة قلت ينبغي أن يكون هذا على التفصيل فإن كان لبيان الواقع أو للتعريف أو نحو ذلك فلا بأس ولا يكون غيبة وإن كان لأجل استنقاصه أو لأجل تعييره فإن ذلك لا يجوز * الثاني عشر فيه أن من نزل به أمر يستحب له أن يطلع عليه من يثق بنصحه وصحة رأيه * الثالث عشر فيه دليل على أن المجيب يقيم الدليل على ما يجيب به إذا اقتضاه المقام (فوائد الأولى) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أم المؤمنين تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة وهي أم أولاده كلهم خلا إبراهيم فمن مارية ولم يتزوج غيرها قبلها ولا عليها حتى ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين على الأصح وقيل بخمس وقيل بأربع فأقامت معه أربعا وعشرين سنة وستة أشهر ثم توفيت وكانت وفاتها بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام واسم أمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم من بني عامر بن لؤي وهي أول من آمن من النساء باتفاق بل أول من آمن مطلقا على قول ووقع في كتاب الزبير بن بكار عن عبد الرحمن بن زيد قال آدم عليه السلام مما فضل الله به ابني علي أن زوجته خديجة كانت عونا له على تبليغ أمر الله عز وجل وأن زوجتي كانت عونا لي على المعصية * الثانية ورقة بفتح الراء بن نوفل بفتح النون والفاء بن أسد بن عبد العزى. وقال الكرماني فإن قلت ما قولك في ورقة أيحكم بإيمانه قلت لا شك أنه كان مؤمنا بعيسى عليه السلام وأما الإيمان بنبينا عليه السلام فلم يعلم أن دين عيسى قد نسخ عند وفاته أم لا ولئن ثبت أنه كان منسوخا في ذلك الوقت فالأصح أن الإيمان التصديق وهو قد صدقه من غير أن يذكر ما ينافيه قلت قال ابن منده اختلف في إسلام ورقة وظاهر هذا الحديث وهو قوله فيه يا ليتني كنت فيها جذعا وما ذكر بعده من قوله يدل على إسلامه وذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبره قال له ورقة بن نوفل والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة وفي مستدرك الحاكم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا ورقة فإنه كان له جنة أو جنتان ثم قال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. وروى الترمذي من حديث عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ورقة فقالت له خديجة أنه كان صدقك ولكنه مات قبل أن تظهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم رأيته في المنام وعليه ثياب بيض ولو كان من أهل النار لكان عليه لباس غير ذلك ثم قال هذا حديث غريب وعثمان بن عبد الرحمن ليس عند أهل الحديث بالقوي وقال السهيلي في إسناده ضعف لأنه يدور على عثمان هذا ولكن يقويه قوله صلى الله عليه وسلم رأيت الفتى يعني ورقة وعليه ثياب حرير لأنه أول من آمن بي وصدقني ذكره ابن إسحاق عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل وقال المرزباني كان ورقة من علماء قريش وشعرائهم وكان يدعى
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»