ذلك فيعترض به ونحو هذا فرار يونس عليه السلام حين تكذيب قومه والله أعلم (بيان الصرف) قوله يحيى فعل مضارع في الأصل فوضع علما قوله بكير تصغير بكر بفتح الباء وهو من الإبل بمنزلة الفتى من الناس والبكرة بمنزلة الفتات والليث اسم من أسماء الأسد والجمع الليوث وفلان أليث من فلان أي أشد وأشجع وعقيل تصغير عقل المعروف أو عقل بمعنى الدية وشهاب بكسر الشين المعجمة شعلة نار ساطعة والجمع شهب وشهبان بالضم عن الأخفش مثال حساب وحسبان وشهبان بالكسر عن غيره وأن فلانا لشهاب حرب إذا كان ماضيا فيها شجاعا وجمعه شهبان والشهاب بالفتح اللبن الممزوج بالماء وعروة في الأصل عروة الكوز والقميص والعروة أيضا من الشجر الذي لا يزال باقيا في الأرض لا يذهب وجمعه عرى والعروة الأسد أيضا وبه سمي الرجل عروة والزبير تصغير زبر وهو العقل والزبر الزجر والمنع أيضا والزبر الكتابة وعائشة من العيش وهو ظاهر قوله بدىء به على صيغة المجهول قوله الرؤيا مصدر كالرجعي مصدر رجع ويختص برؤيا المنام كما اختص الرأي بالقلب والرؤية بالعين قوله ثم حبب على صيغة المجهول أيضا والخلاء مصدر بمعنى الخلوة قوله فيتحنث من باب التفعل وهو للتكلف ههنا كتشجع إذا استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها لتحصل وكذلك قوله وهو التعبد من هذا الباب وهو استعمال العبادة لتكليف نفسه إياه وكذلك قوله ويتزود من هذا الباب وكذلك قوله تنصر من هذا الباب قوله أو مخرجي أصله مخرجون جمع اسم الفاعل فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت نونه للإضافة فانقلبت واوه ياء وأدغمت في ياء المتكلم (بيان الإعراب) قوله أول ما بدىء كلام إضافي مرفوع بالابتداء وخبره قوله الرؤيا الصالحة وكلمة من في قوله من الوحي لبيان الجنس قاله القزاز كأنها قالت من جنس الوحي وليست الرؤيا من الوحي حتى تكون للتبعيض وهذا مردود بل يجوز أن يكون للتبعيض لأن الرؤيا من الوحي كما جاء في الحديث أنها جزء من النبوة قوله الصالحة صفة للرؤيا إما صفة موضحة للرؤيا لأن غير الصالحة تسمى بالحلم كما ورد الرؤيا من الله والحلم من الشيطان وإما مخصصة أي الرؤيا الصالحة لا الرؤيا السيئة أو لا الكاذبة المسماة بأضغاث الأحلام والصلاح إما باعتبار صورتها وإما باعتبار تعبيرها قال القاضي يحتمل أن يكون معنى الرؤيا الصالحة والحسنة حسن ظاهرها ويحتمل أن المراد صحتها ورؤيا السوء تحتمل الوجهين أيضا سوء الظاهر وسوء التأويل قوله في النوم لزيادة الإيضاح والبيان وإن كانت الرؤيا مخصوصة بالنوم كما ذكرنا عن قريب أو ذكر لدفع وهم من يتوهم أن الرؤيا تطلق على رؤية العين قوله وكان لا يرى رؤيا بلا تنوين لأنه كحبلى قوله مثل منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف والتقدير إلا جاءت مجيئا مثل فلق الصبح أي شبيهة لضياء الصبح وقال أكثر الشراح أنه منصوب على الحال وما قلنا أولى لأن الحال مقيدة وما ذكرنا مطلق فهو أولى على ما يخفى على النابغة من التراكيب قوله الخلاء مرفوع بقوله حبب لأنه فاعل ناب عن المفعول والنكتة فيه التنبيه على أن ذلك من وحي الإلهام وليس من باعث البشر قوله حراء بالتنوين والجر بالإضافة كما ذكرنا قوله فيتحنث عطف على قوله يخلو ولا يخلو عن معنى السببية لأن اختلاءه هو السبب للتحنث قوله فيه أي في الغار محله النصب على الحال قوله وهو التعبد الضمير يرجع إلى التحنث الذي يدل عليه قوله فيتحنث كما في قوله تعالى * (اعدلوا هو أقرب للتقوى) * أي العدل أقرب للتقوى وهذه جملة معترضة بين قوله فيتحنث فيه وبين قوله الليالي لأن الليالي منصوب على الظرف والعامل فيه يتحنث لا قوله التعبد وإلا يفسد المعنى فإن التحنث لا يشترط فيه الليالي بل هو مطلق التعبد وأشار الطيبي بأن هذه الجملة مدرجة من قول الزهري لأن مثل ذلك من دأبه ويدل عليه ما رواه البخاري في التفسير من طريق يونس عن الزهري قوله ذوات العدد منصوب لأنه صفة الليالي وعلامة النصب كسر التاء وأراد بها الليالي مع أيامهن على سبيل التغليب لأنها أنسب للخلوة قال الطيبي وذوات العدد عبارة عن القلة نحو (دراهم معدودة) وقال الكرماني يحتمل أن يراد بها الكثرة إذ الكثير يحتاج إلى العدد لا القليل وهو المناسب للمقام قلت أصل مدة الخلوة معلوم وكان شهرا وهو شهر رمضان كما رواه ابن إسحاق في السيرة وإنما أبهمت عائشة رضي الله عنها العدد ههنا لاختلافه بالنسبة إلى المدة التي يتخللها مجيئه إلى أهله قوله ويتزود بالرفع عطف على قوله يتحنث
(٥٦)