عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٥٤
واحد قوله حتى جاءه الحق ورواه البخاري في التفسير حتى فجئه الحق وكذا في رواية مسلم أي أتاه بغتة يقال فجىء يفجأ بكسر الجيم في الماضي وفتحها في الغابر وفجأ يفجأ بالفتح فيهما قوله ما أنا بقارئ وقد جاء في رواية ما أحسن أن أقرأ وقد جاء في رواية ابن إسحاق ماذا أقرأ وفي رواية أبي الأسود في مغازيه أنه قال كيف أقرأ قوله فغطني وفي رواية الطبري فغتني بالتاء المثناة من فوق والغت حبس النفس مرة وإمساك اليد والثوب على الفم والأنف والغط الخنق وتغييب الرأس في الماء وعبارة الداودي معنى غطني صنع بي شيئا حتى ألقاني إلى الأرض كمن تأخذه الغشية وقال الخطامي وفي غير هذه الروايات فسأبني من سأبت الرجل سأبا إذا خنقته ومادته سين مهملة وهمزة وباء موحدة وقال الصغاني رحمه الله ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم وذكر اعتكافه بحراء فقال فإذا أنا بجبريل عليه الصلاة والسلام على الشمس وله جناح بالمشرق وجناح بالمغرب فهلت منه وذكر كلاما ثم قال أخذني فسلقني بحلاوة القفاء ثم شق بطني فاستخرج القلب وذكر كلاما ثم قال لي اقرأ فلم أدر ما أقرأ فأخذ بحلقي فسأبني حتى أجهشت بالبكاء فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره قوله فهلت أي خفت من هاله إذا خوفه ويروى فسأتني بالسين المهملة والهمزة والتاء المثناة من فوق قال الصغاني قال أبو عمر وسأته يسأته سأتا إذا خنقه حتى يموت مثل سأبه وقال أبو زيد مثله إلا أنه لم يقل حتى يموت ويروى فدعتني من الدعت بفتح الدال وسكون العين المهملتين وفي آخره تاء مثناة من فوق قال ابن دريد الدعت الدفع العنيف عربي صحيح يقال دعته يدعته إذا دفعه بالدال وبالذال المعجمة زعموا قلت ومنه حديث الآخر أن الشيطان عرض لي وأنا أصلي فدعته حتى وجدت برد لسانه ثم ذكرت قول أخي سليمان عليه السلام رب هب لي ملكا الحديث قلت بمعناه ذأته بالذال المعجمة قال أبو زيد ذأته إذا خنقه أشد الخنق حتى أدلع لسانه قوله يرجف فؤاده وفي رواية مسلم بوادره وهو بفتح الباء الموحدة اللحمة التي بين المنكب والعنق ترجف عند الفزع قوله والله ما يخزيك من الخزيان كما ذكرناه وهكذا رواه مسلم من رواية يونس وعقيل عن الزهري ورواه من رواية معمر عن الزهري يحزنك من الحزن وهو رواية أبي ذر أيضا ههنا قوله وتكسب بفتح التاء هو الرواية الصحيحة المشهورة وفي رواية الكشميهني بالضم قوله المعدوم بالواو وهي الرواية المشهورة وقال الخطابي الصواب المعدم وقد ذكرناه وذكر البخاري في هذا الحديث في كتاب التفسير وتصدق الحديث وذكره مسلم ههنا وهو من أشرف خصاله وذكر في السيرة زيادة أخرى إنك لتؤدي الأمانة ذكرها من حديث عمرو بن شرحبيل قوله فكان يكتب الكتاب العبراني ويكتب من الإنجيل بالعبرانية وفي رواية يونس ومعمر ويكتب من الإنجيل بالعربية ولمسلم وكان يكتب الكتاب العربي والجميع صحيح لأن ورقة كان يعلم اللسان العبراني والكتابة العبرانية فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي لتمكنه من الكتابين واللسانين وقال الداودي يكتب من الإنجيل الذي هو بالعبرانية بهذا الكتاب العربي فنسبه إلى العبرانية إذ بها كان يتكلم عيسى عليه السلام قلت لا نسلم أن الإنجيل كان عبرانيا ولا يفهم من الحديث ذلك والذي يفهم من الحديث أنه كان يعلم الكتابة العبرانية ويكتب من الإنجيل بالعبرانية ولا يلزم من ذلك أن يكون الإنجيل عبرانيا لأنه يجوز أن يكون سريانيا وكان ورقة ينقل منه باللغة العبرانية وهذا يدل على علمه بالألسن الثلاثة وتمكنه فيها حيث ينقل السريانية إلى العبرانية قوله يا ابن عم كذا وقع ههنا وهو الصحيح لأنه ابن عمها ووقع في رواية لمسلم يا عم وقال بعضهم هذا وهم لأنه وإن كان صحيحا لإرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين فتعين الحمل على الحقيقة قلت هذا ليس بوهم بل هو صحيح لأنها سمته عمها مجازا وهذا عادة العرب يخاطب الصغير الكبير بيا عم احتراما له ورفعا لمرتبته ولا يحصل هذا الغرض بقولها يا ابن عم فعلى هذا تكون تكلمت باللفظين وكون القصة متحدة لا تنافي التكلم باللفظين قوله الذي نزل الله وفي رواية الكشميهني أنزل الله وفي التفسير أنزل على ما لم يسم فاعله * والفرق بين أنزل ونزل أن الأول يستعمل في إنزال الشيء دفعة واحدة والثاني يستعمل في تنزيل الشيء
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»