أقول: إن الحمل الثاني ينادي ويقول: مرحبا بالوفاق. فإن المقصود حل ما يؤخذ من أرض العراق بطريق الخراج.
وأما الحمل الأول، فإنما يستقيم لو كان لهذا الخبر معارض أرجح منه، أما مع عدم المعارض فأي ضرورة إلى هذا الحمل.
قال دام ظله: " وأما ما سوى العراق مثل الشام، ونقل عن العلامة:
وخراسان إلى كرمان، وخوزستان وهمدان وقزوين وحواليها، ونقل أنها خراجية عن قطب الراوندي في الخراجية، فقد علمت، أن حليته موقوفة على تحقيق كون الأرض التي يؤخذ منها الخراج أخذت عنوة وكانت معمورة حينئذ ومضروب الخراج ولم يدع أحد ملكيتها ولم تكن موقوفة لما سيجئ ودونه خرط القتاد. إذ طريقه الخبر المتواتر أو خبر الواحد الصحيح وليس شئ من ذلك بمعلوم ولا مظنون بظن معتبر " إنتهى كلامه دام ظله (1).
أقول: هذا الكلام يدل على حل الخراج وأنه لا شبهة فيه، وإنما الكلام في تحقيق أرض الخراج وليس هو المبحوث عنه. ثم إن المتوقف عليه حل الخراج إنما هو فتح المعصوم أو نائبه للأرض عنوة وكونها محياة، وأما عدم ضرب الخراج وادعاء أحد ملكيتها لا ينافي كون الأرض خراجية، لأن المفتوح عنوة يملك تبعا لآثار التصرف، ولا يقتضي ذلك سقوط الخراج بل يقتضي قرارها في يده ما دام آثار التصرف موجودة.
ثم دعوى انحصار الثبوت بالخبر المتواتر وخبر الواحد الصحيح دعوى خالية عن الدليل فلم لا يكفي فيها الشياع المفيد للظن؟ إذ لو لم يكف فيها ذلك لبطل هذا الحكم مع امتداد الأوقات وفناء الشهور (2) وعدم حصول التواتر، وذلك ينافي حكمة الشارع.