جواز غير الشراء بل الأخذ مجانا.
ومن العجب قوله: " وقد يكون جواز الشراء لحصول العوض "، إذ حصول العوض للجائر الذي لا يجوز له أخذ الخراج ولا تملكه لا يقتضي جواز التسلط على مال الغير. والتمثيل بالمكاتب الذي يملك ما في يده لكنه محجور عليه بغير المعاوضة أعجب من ذلك، لأن الجائر غير مالك بالإجماع بل لا ولاية له، وإذا ثبت أن المأخوذ حق بالأصالة فلا فرق بين الأخذ من أيدي الجائر والأخذ بأمره، وذلك ظاهر لمن تدبره.
قال دام ظله: " وبالجملة هذه المسألة في الغاية من الإشكال، حيث إنهم حكموا بها بهذه الأدلة، وقالوا: لا يجوز الأخذ إلا بإذن الجائر بل نقل الشيخ علي ابن عبد العالي عن البعض أنه لا يجوز السرقة والكتمان للزارع مع قولهم بعدم جواز الأخذ للجائر، وأنه ظالم فلا يجوز البيع منه حينئذ، بل لا يمكن تحقق البيع، وكيف يجوز بيع مال المسلمين الذي الناظر فيه الإمام ومصرفه المصالح أخذه الظالم ظلما أن يشترى منه أو يتهب، إلا أن يقال هذا استنقاذ لا بيع حقيقة، ولا صدقة، ولكن حينئذ شرط القبض أو الإذن غير ظاهر " إنتهى كلامه دام ظله (1).
أقول: لا يخفى أنه لا منافاة بين حل الخراج وعدم جواز الأخذ بدون إذن الجائر، ولا يصلح أن يكون ذلك منشأ لمجرد الإشكال فضلا عن كونه منشأ للغاية من الإشكال، إذ لا قبح أن يقول الشارع للإنسان: لك في بيت المال نصيب ولا يجوز لك أخذه إلا بإذن الجائر لمصلحة يعلمها، ونظائر ذلك كثيرة، فإن الوقوف العام والزكوات والوصايا والمنتشرين كذلك بل ملك الانسان المختص به كالمحجور عليه للسفه كذلك، بل غير المحجور عليه كذلك، كما لو استولى الظالم على مال الانسان، وخاف على نفسه أن يتصرف بغير إذن الظالم فإنه لا يجوز