تعدي الحكم بالعلة المنصوصة " (1) قلت: الحديث غير معلوم الصحة، وعدم ظهور الدلالة إذ غايتها جواز قبول الحضرمي عطاء ابن أبي سماك، لأن له في بيت المال نصيبا، فهم بالقياس جواز الأخذ منه لمن كان مثل الحضرمي في الاستحقاق من بيت المال، بأن يكون من المصالح، فلم يدل على جواز أخذ الخراج من كل جائز، مؤمنا وغيره لكل أحد، سواء كان ممن يستحق من بيت المال أو لا، فالاستدلال بمثله في هذه المسألة لا يخلو عن إشكال، وأشد منه تسميته بالنص، نعم يمكن الاستدلال به في الجملة على جواز أخذ الجوائز من الجائر كما استدل به عليه العلامة في المنتهى وليس بتام أيضا " انتهى كلامه دام ظله (2).
أقول: قوله " الحديث غير معلوم الصحة " لو سلم لا يقتضي عدم جواز الاستدلال به لجواز اعتضاده بما يجبر ضعفه من إجماع أو غيره، وأما ظهور دلالته على حمل الخراج للمسلمين فنقول: إن الحضرمي إنما استحق العطاء من بيت المال الذي من جملته الخراج لكونه صاحب نصيب في بيت المال، ومعلوم أن استحقاقه للنصيب إنما هو من جهة كونه من جملة المسلمين، لأنه لو كان له جهة غير ذلك لنقلتها الرواة وأهل التاريخ، بل المجتهدون الذين اشتهر حرصهم على نقل أقل من ذلك، ولو نقلوه لشاع وذاع، وإذا كان الأمر كذلك فكل مسلم له نصيب في بيت المال وما ليس له نصيب لا يستحق الأخذ، فانتفى الإشكال، والأشد منه ومن العجب قوله " نعم يمكن الاستدلال به على جواز أخذ الجوائز من الجائر " فكيف يعمل بقوله " ألم يعلم أن لك في بيت المال نصيبا " لأن النصيب في بيت المال لا يقتضي حل الجوائز من غيره، فالدليل حينئذ أخص من المدعى، إذ المدعى جواز أخذ جوائز الظالم مطلقا إذا لم يعلم كونها (3).