لأحد من هؤلاء السرقة والكتمان، وإن أراد أن منشأ الإشكال الدلائل المذكورة فقط، فمعلوم أيضا عدم صلاحيتها له، لأن هذه الدلائل إن أفادت الحل فلا إشكال، وإن لم تفده فلا إشكال أيضا وإن أراد إذن الجائر الذي لا يجوز له الأخذ ولا التصرف، وكيف يجامع حل الخراج ويكون منشأ للإشكال؟ فهو مما لا وجه له بعد الإحاطة بما قلناه.
ونفي جواز البيع بعد دلالة الروايات والعبارات عليه عجيب لا يليق بهذا الفاضل. وقوله " بل لا يمكن تحقق البيع " مع ورود الروايات به ونقل الاجماع عليه أعجب، ولو سلم يكون استنقاذا، وإطلاق البيع عليه ليس بعزيز، بل هو موجود في عبارات الفقهاء، كما لو قهر الحربي من ينعتق عليه وباعه.
ونفي ظهور اشتراط قبض الجائر له أو إذنه لا دخل (1) في التحريم والشبهة، بل هو مما يحقق مطلوبنا من حل الخراج وكون منشأ حله أن لنا فيه نصيبا.
قال دام ظله: " وكيف لا يجوز لمن في ذمته السرقة والكتمان، بل ينبغي، بل يجب عدم جواز الاعطاء له إن أمكن، لأنه لا تبرأ ذمته على تقدير قدرته على المنع، ولا يتعين ما أخذ منه مالا للخراج والزكاة، لكن ما جزم بهذا النقل بل قال أظن سماعا عن علي بن هلال، وما نقلوا دليلا على عدم الجواز إلا بإذن الجائر والجواز به سوى ما مر " إنتهى كلامه دامت أيامه وكثر الله من مثله وأمثاله (2).
أقول: إن جميع ما قاله المصنف دام ظله إن لم يساعد من يقول بحل ما يؤخذ باسم الخراج والزكاة، فلا أقل أن لا يضره، إذ المقصود حل تناول ما يأخذه الجائر سواء جاز للجائر أخذه أم لا، وسواء حرم على المالك دفعه أم لا، وسواء تعين ما أخذه للخراج والزكاة أم لا، ولا يتوقف إثبات مطلوبنا على شئ من ذلك، على أنا نقل: الروايات دلت على تعيين ما أخذه للخراج لقول الإمام عليه السلام: أما علم أن لك نصيبا في بيت المال، (3) وبيت المال إن لم يعم