تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء قوله صلى الله عليه وسلم (إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء هذا من أحاديث الصفات وفيها القولان السابقان قريبا أحدهما الايمان بها من غير تعرض لتأويل ولا لمعرفة المعنى بل يؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد قال الله تعالى كمثله شئ والثاني يتأول بحسب ما يليق بها فعلى هذا المراد المجاز كما يقال فلان في قبضتي وفي كفي لا يراد به أنه حال في كفه بل المراد تحت قدرتي ويقال فلان بين إصبعي أقلبه كيف شئت اي انه مني على قهره والتصرف فيه كيف شئت فمعنى الحديث انه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف يشاء لا يمتنع عليه منها شئ ولا يفوته ما أراده كما لا يمتنع على الانسان ما كان بين إصبعيه فخاطب العرب بما يفهمونه ومثله بالمعاني الحسية تأكيدا له في نفوسهم فان قيل فقدرة الله تعالى واحدة والإصبعان للتثنية فالجواب أنه قد سبق أن هذا مجازا واستعارة فوقع التمثيل بحسب ما اعتادوه غير مقصود به التثنية والجمع والله أعلم كل شئ بقدر قوله صلى الله عليه وسلم (كل شئ بقدر حتى العجز والكيس أو قال الكيس والعجز) قال
(٢٠٤)