من الحلم وفيه ترك بعض الأمور المختارة والصبر على بعض المفاسد خوفا من أن تترتب علي ذلك مفسدة أعظم منه وكان صلى الله عليه وسلم يتألف الناس ويصبر على جفاء الاعراب والمنافقين وغيرهم لتقوى شوكة المسلمين وتتم دعوة الاسلام ويتمكن الايمان من قلوب المؤلفة ويرغب غيرهم في الاسلام وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى ولإظهارهم الاسلام وقد أمر بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ولأنهم كانوا معدودين في أصحابه صلى الله عليه وسلم ويجاهدون معه إما حمية وإما لطلب دنيا أو عصبية لمن معه من عشائرهم قال القاضي واختلف العلماء هل بقي حكم الاغضاء عنهم وترك قتالهم أو نسخ ذلك عند ظهور الاسلام ونزول قوله تعالى جاهد الكفار والمنافقين وأنها ناسخة لما قبلها وقيل قول ثالث أنه إنما كان العفو عنهم ما لم يظهروا نفاقهم فإذا أظهروه قتلوا باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم قوله صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وفي الحديث الآخر مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم إلى آخره هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه وفيه جواز التشبيه
(١٣٩)