الواقع من اثنين مختص بالبادئ منهما كله إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار فيقول للبادئ أكثر مما قال له وفي هذا جواز الانتصار ولا خلاف في جوازه وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة قال الله تعالى انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل وقال تعالى والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ومع هذا فالصبر والعفو أفضل قال الله تعالى " صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور " وللحديث المذكور بعد هذا ما زاد الله عبدا يعفو إلا عزا واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق ولا يجوز للمسبوب آن ينتصر إلا بمثل ما سبه ما لم يكن كذبا أو قذفا أو سبا لاسلافه فمن صور المباح أن ينتصر بيا ظالم يا أحمق أو جافي أو نحو ذلك لأنه لا يكاد أحد ينفك من هذه الأوصاف قالوا وإذا انتصر المسبوب استوفى ظلامته وبرئ الأول من حقه وبقي عليه إثم الابتداء أو الاثم المستحق لله تعالى وقيل يرتفع عنه جميع الاثم بالانتصار منه ويكون معني على البادئ أي عليه اللوم والذم لا الاثم باب استحباب العفو والتواضع قوله صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) ذكروا فيه وجهين أحدهما معناه أنه يبارك فيه ويدفع عنه المضرات فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية وهذا مدرك بالحس والعادة والثاني أنه وإن نقصت صورته كان في الثواب المرتب عليه جبر لنقصه وزيادة إلى أضعاف كثيرة قوله صلى الله عليه وسلم (وما زاد الله عبدا يعفو إلا عزا) فيه أيضا وجهان أحدهما أنه على ظاهره وأن من عرف بالعفو والصفح ساد وعظم في القلوب وزاده عزه واكرامه والثاني أن المراد أجره في الآخرة وعزه هناك قوله صلى الله عليه وسلم (وما تواضع أحد لله إلا
(١٤١)