تزكية النفس من الأماثل عند الحاجة كدفع شر عنه بذلك أو تحصيل مصلحة للناس أو ترغيب في أخذ العلم عنه أو نحو ذلك فمن مصلحة قول يوسف صلى الله عليه وسلم على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ومن دفع الشر قول عثمان رضي الله عنه في وقت حصاره أنه جهز جيش العسرة وحفر بئر رومة ومن الترغيب قول ابن مسعود هذا وقول سهل بن سعد ما بقي أحد أعلم بذلك مني وقول غيره على الخبير سقطت وأشباهه وفيه استحباب الرحلة في طلب العلم والذهاب إلى الفضلاء حيث كانوا وفيه أن الصحابة لم ينكروا قول ابن مسعود أنه أعلمهم والمراد أعلمهم بكتاب الله كما صرح به فلا يلزم منه أن يكون أعلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم بالسنة ولا يلزم من ذلك أيضا أن يكون أفضل منهم عند الله تعالى فقد يكون واحد أعلم من آخر باب من العلم أو بنوع والآخر أعلم من حيث الجملة وقد يكون واحد أعلم من آخر وذاك أفضل عند الله تعالى بزيادة تقواه وخشيته وورعه وزهده وطهارة قلبه وغير ذلك ولا شك أن الخلفاء الراشدين الأربعة كل منهم أفضل من ابن مسعود قوله صلى الله عليه وسلم (خذوا القرآن من أربعة وذكر منهم ابن مسعود) قال العلماء سببه أن هؤلاء أكثر ضبطا لألفاظه وأتقن لأدائه وإن كان غيرهم وأفقه في معانيه منهم أو لأن هؤلاء الأربعة تفرغوا لأخذه منه
(١٧)