فمفهومه أنهن إذا لم يكن حوامل لا ينفق عليهن وأجاب هؤلاء عن حديث فاطمة في سقوط النفقة بما قاله سعيد بن المسيب وغيره أنها كانت امرأة لسنة واستطالت على أحمائها فأمرها بالانتقال عند ابن أم مكتوم وقيل لأنها خافت في ذلك المنزل بدليل ما رواه مسلم من قولها أخاف أن يقتحم على ولا يمكن شئ من هذا التأويل في سقوط نفقتها والله أعلم وأما البائن الحامل فتجب لها السكنى والنفقة وأما الرجعية فتجبان لها بالاجماع وأما المتوفى عنها زوجها فلا نفقة لها بالاجماع والأصح عندنا وجوب السكنى لها فلو كانت حاملا فالمشهور أنه لا نفقة كما لو كانت حائلا وقال بعض أصحابنا تجب وهو غلط والله أعلم قوله (طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته) فيه أن الطلاق يقع في غيبة المرأة وجواز الوكالة في أداء الحقوق وقد أجمع العلماء على هذين الحكمين وقوله وكيله مرفوع هو المرسل قوله (فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي) قال العلماء أم شريك هذه قرشية عامرية وقيل أنها أنصارية وقد ذكر مسلم في آخر الكتاب في حديث الجساسة أنها أنصارية واسمها غزية وقيل غزيلة بغين معجمة مضمومة ثم زاي فيهما وهي بنت داود أن ابن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة بن حجير ابن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب وقيل في نسبها غير هذا قيل إنها التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وقيل غيرها ومعنى هذا الحديث أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يزورون أم شريك ويكثرون التردد إليها لصلاحها فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أن على فاطمة من الاعتداد عندها حرجا من حيث أن يلزمها التحفظ من نظرهم إليها ونظرها إليهم وانكشاف شئ منها وفي التحفظ من هذا مع كثرة دخولهم وترددهم مشقة ظاهرة فأمرها بالاعتداد عند ابن أم مكتوم لأنه لا يبصرها ولا يتردد إلى بيته من يتردد إلى بيت أم شريك وقد احتج بعض الناس بهذا على جواز نظر المرأة إلى الأجنبي بخلاف نظره إليها وهذا قول ضعيف بل الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي كما يحرم عليه النظر إليها لقوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ولأن الفتنة مشتركة وكما يخاف الافتتان بها تخاف الافتنان به ويدل عليه من السنة حديث نبهان مولى أم سلمة
(٩٦)