العلماء إنما فعل هذا بيانا لهم وارشادا لما ينبغي لهم أن يفعلوه فعلمهم بفعله وقوله وفيه أنه لا بأس بطلب الرجل امرأته إلى الوقاع في النهار وغيره وإن كانت مشتغلة بما يمكن تركه لأنه ربما غلبت على الرجل شهوة يتضرر بالتأخير في بدنه أو في قلبه وبصره والله أعلم نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ (واستقر تحريمه إلى يوم القيامة) اعلم أن القاضي عياض بسط شرح هذا الباب بسطا بليغا وأتى فيه بأشياء نفيسة وأشياء يخالف فيها فالوجه أن ننقل ما ذكره مختصرا ثم نذكر ما ينكر عليه ويخالف فيه وننبه على المختار قال المازري ثبت أن نكاح المتعة كان جائزا في أول الاسلام ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة المذكورة ه نا أنه نسخ وانعقد الاجماع على تحريمه ولم يخالف فيه الا طائفة المستبدعة وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك وقد ذكرنا أنها منسوخة فلا دلالة لهم فيها وتعلقوا بقوله تعالى ف ما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن الأصح تتعين فلا فما استمتعتم به منهن إلى أجل وقراءة ابن مسعود هذه شاذة لا يحتج بها قرآنا ولا خبرا ولا يلزم العمل بها قال وقال زفر من نكح نكاح متعة تأبد نكاحه وكأنه جعل ذلك التأجيل من باب الشروط الفاسدة في النكاح فإنها تلغى ويصح النكاح قال المازري واختلفت الرواية في صحيح مسلم في النهى عن المتعة ففيه أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وفيه أنه نهى عنها يوم فتح مكة فإن تعلق بهذا من أجاز نكاح المتعة وزعم أن الأحاديث تعارضت وأن هذا الاختلاف قادح فيها قلنا هذا الزعم خطأ وليس هذا تناقضا لأنه يصح أن ينهى عنه في زمن ثم ينهى عنه في زمن آخر توكيدا أو ليشتهر النهى ويسمعه من لم يكن سمعه أولا فسمع بعض الرواة النهى في زمن وسمعه آخرون في زمن آخر فنقل كل منهم ما سمعه وأضافه إلى زمان سماعه هذا كلام المازري قال القاضي عياض روى حديث إباحة المتعة جماعة من الصحابة فذكره مسلم من رواية ابن مسعود وابن عباس وجابر وسلمة بن الأكوع وسيرة بن معبد الجهني وليس في هذه الأحاديث كلها أنها كانت في
(١٧٩)