فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده الحديث) قد يقال كيف تأخر أبو سعيد رضي الله عنه عن انكار هذا المنكر حتى سبقه إليه هذا الرجل وجوابه أنه يحتمل أن أبا سعيد لم يكن حاضرا أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة فأنكر عليه الرجل ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام ويحتمل أن أبا سعيد كان حاضرا من الأول ولكنه خاف على نفسه أو غيره حصول فتنة بسبب انكاره فسقط عنه الانكار ولم يخف ذلك الرجل شيئا لاعتضاده بظهور عشيرته أو غير ذلك أو أنه خاف وخاطر بنفسه وذلك جائز في مثل هذا بل مستحب ويحتمل أن أبا سعيد هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد والله أعلم ثم أنه جاء في الحديث الآخر الذي اتفق البخاري ومسلم رضي الله عنهما على اخراجه في باب صلاة العيد أن أبا سعيد هو الذي جذب بيد مروان حين رآه يصعد المنبر وكانا جاءا معا فرد عليه مروان بمثل ما ورد هنا على الرجل فيحتمل أنهما قضيتان أحداهما لأبى سعيد والأخرى للرجل بحضرة أبي سعيد والله أعلم وأما قوله فقد قضى ما عليه ففيه تصريح بالانكار أيضا من أبي سعيد وأما قوله صلى الله عليه وسلم فليغيره فهو أمر ايجاب باجماع الأمة وقد تطابق على وجوب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر الكتاب والسنة واجماع الأمة وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين ولم يخالف في ذلك الا بعض الرافضة ولا يعتد بخلافهم كما قال الإمام أبو المعالي امام الحرمين لا يكترث بخلافهم في هذا فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن ينبغ هؤلاء ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة وأما قول الله عز وجل أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فليس مخالفا لما ذكرناه لان المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية انكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم مثل قوله تعالى تزر وازرة وزر أخرى وإذا كان كذلك فمما كلف به الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل لكونه أدى ما عليه فإنما
(٢٢)