أو فعل مباشرة أو سبب والامساك عن احتقارهم وفيها الحث على تألف قلوب المسلمين واجتماع كلمتهم وتوادهم واستجلاب ما يحصل ذلك قال القاضي رحمه الله والألفة احدى فرائض الدين وأركان الشريعة ونظام شمل الاسلام قال وفيه بذل السلام لمن عرفت ولمن لم تعرف واخلاص العمل فيه لله تعالى لا مصانعة ولا ملقا وفيه مع ذلك استعمال خلق التواضع وافشاء شعار هذه الأمة والله تعالى أعلم وأما أسماء رجال الباب فقال مسلم رحمه الله في الاسناد الأول وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله ابن عمرو يعنى ابن العاصي قال مسلم رحمه الله وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو المصري أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحرث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أنه سمع عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وهذان الاسنادان كلهم مصريون أئمة جلة وهذا من عزيز الأسانيد في مسلم بل في غيره فإن اتفاق جميع الرواة في كونهم مصريين في غاية القلة ويزداد قلة باعتبار الجلالة فأما عبد الله ابن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما فجلالته وفقهه وكثرة حديثه وشدة ورعة وزهادته واكثاره من الصلاة والصيام وسائر العبادات وغير ذلك من أنواع الخير فمعروفة مشهورة لا يمكن استقصاؤها فرضى الله عنه وأما أبو الخير بالخاء المعجمة واسمه مرثد بالمثلثة ابن عبد الله اليزني بفتح المثناة تحت والزاي منسوب إلى يزن بطن من حمير قال أبو سعيد بن يونس كان أبو الخير مفتى أهل مصر في زمانه مات سنة سبعين من الهجرة وأما يزيد بن أبي حبيب فكنيته أبو رجاء وهو تابعي قال ابن يونس وكان مفتى أهل مصر في زمانه وكان حليما عاقلا وكان أول من أظهر العلم بمصر والكلام في الحلال والحرام وقبل ذلك كانوا يتحدثون بالفتن والملاحم والترغيب في الخير وقال الليث بن سعد يزيد سيدنا وعالمنا واسم أبى حبيب سويد وأما الليث بن سعد رضي الله عنه فإمامته وجلالته وصيانته وبراعته وشهادة أهل عصره سخائه وسيادته وغير ذلك من جميل حالاته أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر ويكفى في جلالته شهادة الامامين الجليلين الشافعي وابن بكير رحمهما الله تعالى أن الليث أفقه من مالك رضي الله عنهم أجمعين فهذان صاحبا مالك رحمه الله وقد شهدا بما شهدا وهم بالمنزلة المعروفة من الاتقان والورع واجلال مالك ومعرفتها بأحواله هذا كله مع ما قد علم من جلالة مالك وعظم فقهه رضي الله عنه قال محمد بن رمح كان دخل الليث ثمانين ألف دينار ما أوجب
(١١)