الاسناد شبابة بن سوار فشبابة بالشين المعجمة المفتوحة وبالباء الموحدة المكررة وسوار بتشديد الواو وشبابة لقب واسمه مروان وقد تقدم بيانه وفيه عاصم بن محمد العمرى بضم العين وهو عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وقوله صلى الله عليه وسلم وهو يأرز بياء مثناة من تحت بعدها همزة ثم راء مكسورة ثم زاي معجمة هذا هو المشهور وحكاه صاحب المطالع مطالع الأنوار عن أكثر الرواة قال وقال أبو الحسين بن سراج ليأرز بضم الراء وحكى القابسي بفتح الراء ومعناه ينضم ويجتمع هذا هو المشهور عند أهل اللغة والغريب وقيل في معناه غير هذا مما لا يظهر وقوله صلى الله عليه وسلم بين المسجدين أي مسجدي مكة والمدينة وفى الاسناد الآخر خبيب بن عبد الرحمن وهو بضم الخاء المعجمة وتقدم بيانه والله أعلم وأما معنى الحديث فقال القاضي عياض رحمه الله في قوله غريبا روى ابن أبي أويس عن مالك رحمه الله أن معناه في المدينة وأن الاسلام بدأ بها غريبا وسيعود إليها قال القاضي وظاهر الحديث العموم وأن الاسلام بدأ في آحاد من الناس وقلة ثم انتشر وظهر ثم سيلحقه النقص والاخلال حتى لا يبقى الا في آحاد وقلة أيضا كما بدأ وجاء في الحديث تفسير الغرباء وهم النزاع من القبائل قال الهروي أراد بذلك المهاجرين الذين هجروا أوطانهم إلى الله تعالى قال القاضي وقوله صلى الله عليه وسلم وهو يأرز إلى المدينة معناه أن الايمان أولا وآخرا بهذه الصفة لأنه في أول الاسلام كان كل من خلص ايمانه وصح اسلامه أتى المدينة اما مهاجرا مستوطنا واما متشوقا إلى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتعلما منه ومتقربا ثم بعده هكذا في زمن الخلفاء كذلك ولأخذ سيرة العدل منهم والاقتداء بجمهور الصحابة رضوان الله عليهم فيها ثم من بعدهم من العلماء الذين كانوا سرج الوقت وأئمة الهدى لأخذ السنن المنتشرة بها عنهم فكان كل ثابت الايمان منشرح الصدر به يرحل إليها ثم بعد ذلك في كل وقت إلى زماننا لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك بمشاهده وآثاره وآثار أصحابه الكرام فلا يأتها الا مؤمن هذا كلام القاضي والله أعلم بالصواب
(١٧٧)