ذلك وأن تغفر لنا وقال الأستاذ أبو عبد الله بن سليمان معناه تظهر على القلوب أي تظهر لها فتنة بعد أخرى وقوله كالحصير أي كما ينسج الحصير عودا عودا وشظية بعد أخرى قال القاضي وعلى هذا يترجح رواية ضم العين وذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عودا أخذ آخر ونسجه فشبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدا بعد واحد قال القاضي وهذا معنى الحديث عندي وهو الذي يدل عليه سياق لفظه وصحة تشبيهه والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء) معنى أشربها دخلت فيه دخولا تاما وألزمها وحلت منه محل الشراب ومنه قوله تعالى في قلوبهم العجل أي حب العجل ومنه قولهم ثوب مشرب بحمرة أي خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها ومعنى نكت نكتة نقط نقطة وهي بالتاء المثناة في آخره قال ابن دريد وغيره كل نقطة في شئ بخلاف لونه فهو نكت ومعنى أنكرها ردها والله أعلم وقوله صلى الله عليه وسلم (حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا الا ما اشرب من هواه) قال القاضي عياض رحمه الله ليس تشبيهه بالصفا بيانا لبياضه لكن صفة أخرى لشدته على عقد الايمان وسلامته من الخلل وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه كالصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شئ وأما قوله مربادا فكذا هو في روايتنا وأصول بلادنا وهو منصوب على الحال وذكر القاضي عياض رحمه الله خلافا في ضبطه وأن منهم من ضبطه كما
(١٧٢)