السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٦٨
وسلم)، عمرو بن العاص، على جيش فيه أبو بكر وعمر، قال: فقلت: والله لأختارن في هذه الغزاة لنفسي رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، استمد به فإني لست أستطيع إتيان المدينة، فاخترت أبا بكر، ولم آل وكان له كساء فدكي يخله عليه إذا ركب، ويلبسه إذا نزل، وهو الذي عيرته به هوازن بعد النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقالوا: لا نبايع ذا الخلال، قال: فلما قضينا غزاتنا قلت له: يا أبا بكر، إني قد صحبتك وإني لي عليك حقا، فعلمني شيئا انتفع به، فقال: قد كنت أريد ذلك لو لم تقل لي: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة، وتحج البيت، وتصوم شهر رمضان، ولا تتأمر على رجلين، فقلت: أما العبادات فقد عرفتها، أرأيت نهيك لي عن الإمارة، وهل يصيب الناس الخير والشر إلا بالإمارة، فقال: إنك مستجهد في فجهدت لك، إن الناس دخلوا في الإسلام طوعا وكرها فأجارهم الله من الظلم، فهم جيران الله، وعواد الله، وفي ذمة الله، فمن يظلم منكم إنما يحقر ربه، والله إن أحدكم ليأخذ شويهة جاره أو بعيره، فيظل عمله بأسا بجاره، والله من وراء جاره. قال: فلم يلبث إلا قليلا حتى أتتنا وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فسألت: من استخلف بعده، قيل: أبو بكر، قلت: أصاحبي الذي كان ينهاني عن الإمارة؟ فشددت على راحلتي: فأتيت المدينة، فجعلت أطلب خلوته، حتى قدرت عليها، فقلت: أتعرفني، أنا فلان بن فلان، أتعرف وصية أوصيتني بها؟ قال: نعم إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبض، والناس حديثو عهد بالجاهلية، فخشيت أن يفتنوا، وأن أصحابي حملونيها، فما زال يعتذر إلي حتى عذرته، وصار من أمري بعد أن صرت عريفا.
* وأخبرنا أبو زيد عمر بن شبة، عن رجاله، عن الشعبي، قال: قام الحسن بن علي (عليه السلام)، إلى أبي بكر وهو يخطب على المنبر، فقال

يخله عليه: أي يجمع بين طرفي الكساء بخلال وعود أو حديد.
(2) ابن أبي الحديد 6: 41.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست