فرأى (صلى الله عليه وآله) الأمم فرقا في أديانها، وعابدة لأوثانها، عكفا على نيرانها منكرة لله مع عرفانها، فأنار الله بأبي (صلى الله عليه وآله) ظلمها، وفرج عن القلوب بهمها، وجلا عن الأبصار عممها، ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار رغبة محمد (صلى الله عليه وآله) عن تعب هذه الدار، موضوعا عنه أعباء الأوزار، محفوفا بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، وجوار الملك الجبار، فصلى الله عليه، أمينه على الوحي وخيرته من الخلق، ورضيه (عليه السلام) ورحمة الله وبركاته.
ثم قالت (عليها السلام):
وأنتم عباد الله نصب أمره ونهيه، وحملة كتاب الله ووحيه، أمناء الله على أنفسكم وبلغاءه إلى الأمم حولكم. لله فيكم عهد قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم كتاب الله بينة بصائره، وآي منكشفة سرائره. وبرهان فينا متجلية ظواهره، مديما للبرية استماعه، قائدا إلى الرضوان أتباعه، ومؤديا إلى النجاة أشياعه فيه تبيان حجج الله المنيرة، ومواعظه المكرورة، ومحارمه المحذورة، وأحكامه الكافية، وبيناته الجالية، وجمله الكافية، وشرائعه المكتوبة، ورخصه الموهوبة، ففرض الله الإيمان تطهيرا لكم من الشرك، والصلاة تنزيها لكم من الكبر، والزكاة تزييدا لكم في الرزق، والصيام تبيينا إمامتنا، والحج تسنية للدين والعدل تنسكا للقلوب وطاعنا نظاما للملة، وإمامتنا لما للفرقة، والجهاد عن الإسلام، والصبر مؤنة للاستجاب، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، والبر بالوالدين وقاية من السخطة، وصلة الأرحام منسأة للعمر ومنماة للعدد، والقصاص حقنا للدماء.
والوفاء بالنذور تعريضا للمغفرة، وتوفية المكائيل والموازين تغييرا للبخسة،