وقال: وثقه أبو حاتم وغيره ونعتوه بالحفظ إلا أنه تفرد عن الشافعي بذاك الحديث " لا مهدي إلا عيسى بن مريم " وهو منكر جدا انتهى. وقال أيضا في تذكرة الحفاظ بعد نقل توثيقه: قلت:
له حديث منكر عن الشافعي ثم ساقه بإسناده.
وقال الحافظ في التهذيب: قال مسلمة بن القاسم: كان يونس بن عبد الأعلى حافظا، وقد أنكروا عليه تفرده بروايته عن الشافعي حديث لا مهدي إلا عيسى. وذكر المزي في التهذيب عن بعضهم أنه رأى الشافعي في المنام وهو يقول: كذب علي يونس بن عبد الأعلى ليس هذا من حديثي.
الوجه السابع: مما يدل على بطلان هذا الخبر: معارضته للمتواتر المفيد للقطع، فقد قرر علماء الأصول: أن من شرط قبول الخبر عدم مخالفته للنص القطعي على وجه لا يمكن الجمع بينهما بحال. وقد ذكروا للجمع بين هذا الخبر وبين أحاديث المهدي أوجها، ذكر بعضها الطاعن وبعضها غيره كالقرطبي في التذكرة، والآبي في شرح مسلم، وابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة، وصاحب ينابيع المودة وغيرهم، وكلها بعيدة، ولا حاجة تلجئ إليها مع بطلان الخبر، إذ لا تعارض بين متواتر وباطل.
الوجه الثامن: مما يوجب القطع ببطلانه أيضا: كون ذكر المهدي وخبره لم يرد إلا من جهة الشارع، فكيف يخبر بأمر أنه سيقع وهو الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ثم ينفيه؟
والاخبار لا يتصور وقوعها على خلاف ما أخبر به الصادق، ونفي المهدي يلزم منه وقوع الخبر على خلاف ما أخبر به أولا من وجوده واللازم باطل. وهذا مما قرروا به أن النسخ لا يدخل الاخبار التي هي من هذا القبيل، وهذا متفق عليه بين علماء الأصول. قال الزركشي: إن كان مدلول الخبر مما لا يمكن تغيره، بأن لا يقع إلا على وجه واحد كصفات الله تعالى، وخبر ما كان من الأنبياء والأمم وما يكون من الساعة وآياتها كخروج الدجال، فلا يجوز نسخه بالاتفاق، كما قاله أبو إسحاق المروزي، وابن برهان في الأوسط، لأنه يفضي إلى الكذب انتهى.
والعجب ممن أورد هذا الحديث من العلماء وأجاب عنه بأنواع من طرق الجمع بين مختلف الآثار كيف خفي عليه بطلانه من جهة ما قررناه! إن خفي عليه ذلك من جهة الاسناد وما فيه من العلل الظاهرة والخفية، فإن العقل قاطع ببطلانه كما عرفت مما قررناه لك. وقد تكلمنا على هذا الخبر بما لم يتكلم فيه أحد بمثله ولا تجده كذلك في كتاب ".
*: عقيدة أهل السنة، العباد: ص 16 عن ابن ماجة، وقال " وهذا الحديث ضعيف " وقد أفاض في الرد على رسالة قاضي قطر التي أنكر فيها المهدي، في بحث بعنوان " الرد على من كذب بأحاديث المهدي المنتظر ".
* * *: مجمع البيان: ج 7 ص 67 عن البيهقي في البعث والنشور.
*: نور الثقلين: ج 3 ص 464 ح 193 عن مجمع البيان.