دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٢٥٥
الواردة في الطب، قال: " إنها على وجوه: منها ما قيل على هواء مكة والمدينة، ولا يجوز استعماله في سائر الأهوية، ومنها ما أخبر به العالم على ما عرف من طبع السائل ولم يعتبر بوصفه إذا كان أعرف بطبعه منه، ومنها ومنها - إلى أن قال: - وما روي في العسل أنه شفاء من كل داء فهو صحيح ومعناه أنه شفاء من كل داء بارد، وما روي في الاستنجاء بالماء البارد لصاحب البواسير فإن ذلك إذا كان بواسيره من الحرارة - إلى آخر كلامه (ره). وقال الشيخ المفيد (ره) توضيحا لهذا الكلام: " وقد ينجع في بعض أهل البلاد من الدواء من مرض يعرض لهم ما يهلك من استعمله لذلك المرض من غير أهل تلك البلاد، ويصلح لقوم ذوي عادة ما لا يصلح لمن خالفهم في العادة - الخ ".
أما المطلق والمقيد أو المجمل والمبين فمثل ما روي " أن الفقيه لا يعيد الصلاة " فمخصوص بالركعتين الأخيرتين من الرباعية، روى الصدوق - رحمه الله - في المعاني مسندا " عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فدخل عليه رجل فسأله عن رجل لم يدر واحدة صلى أو اثنتين، فقال له: يعيد الصلاة، فقال له: فأين ما روي أن الفقيه لا يعيد الصلاة؟! قال: إنما ذلك في الثلاث والأربع ".
وما رواه العامة والخاصة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار ".
فظاهره يقتضي عدم الدخول جميع من شهد الشهادتين النار، لما فيه من التعميم، لكن قامت الأدلة القطعية - كتابا وخبرا - على أن عصاة الموحدين يعذبون، ثم يخرجون بالعفو والشفاعة وأمثالهما، فنعلم أن ظاهره غير مراد، فكأنه قال: إن ذلك مقيد بمن عمل صالحا، أو فيمن قالها تائبا، ومات على ذلك وقد قيد في بعض الروايات بقوله " مخلصا " والإخلاص أن تخلص إيمانك من كل شر حتى لا تفسده شهوات نفسك، وقد تمسك بعموم نحو هذا الخبر الغلاة الباطنية وجعلوه ذريعة إلى طرح التكاليف، ورفع الأحكام وإبطال الأعمال بزعمهم الباطل في أن الشهادتين أو معرفة الإمام عليه السلام كافية في الخلاص، مع أن هذه الفكرة الممقوتة الباطلة تستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود والزواجر، ويوجب كون الترغيب والترهيب والتحذير
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»