موافقا لمذهبهم، ومخالفا لمذهب غيرهم، أو أنه يكثر من الرواية عنهم غاية الإكثار، أو أن غالب رواياته يفتون بها ويرجحونها على ما رواه الشيعة، أو غير ذلك. فيحمل كيفية روايته على التقية أو تصحيح مضمونها عند المخالفين وترويجه فيهم، سيما المستضعفين وغير الناصبين منهم، أو تأليفا لقلوبهم، أو استعطافا لهم إلى التشيع أو غير ذلك ".
قلت: مجرد كيفية الرواية لا دلالة فيه على كونه من غير الشيعة بوجه، فكان الأولى جعل الأصل عدم الدلالة وذكر ضد الشواهد المذكورة شواهد على الدلالة بحيث تفيد بانضمامها عدم كونه شيعيا. ولعله لذا أمر في ذيل كلامه بالتأمل.
ومنها: كونه كاتب الخليفة أو الوالي أو من عماله. فإن ظاهره الذم، كما اعترف به العلامة في ترجمة حذيفة [بن منصور]، حيث إنه قيل في حقه أنه كان واليا من قبل بني أمية. فقال العلامة - رحمه الله -: إنه يبعد انفكاكه عن القبيح.
ويؤيد ذلك ما رواه في أحمد بن عبد الله الكرخي من أنه " كان كاتب إسحاق بن إبراهيم، فتاب وأقبل على تصنيف الكتب "، فإن التوبة لا تكون إلا عن ذنب. نعم يرفع اليد عن الظاهر المذكور بورود المدح والتعديل فيه كما في علي بن يقطين ونحوه.
وقال المولى الوحيد: " إنا لم نر من المشهور التأمل من هذه الجهة كما في يعقوب بن يزيد وحذيفة بن منصور وغيرهما، ولعله لعدم مقاومتها التوثيق المنصوص أو المدح المنافي باحتمال كونها بإذنهم عليهم السلام أو تقية وحفظا لأنفسهم، أو غيرهم، أو اعتقادهم الإباحة أو غير ذلك من الوجوه الصحيحة - إلى أن قال: - وبالجملة تحققها منهم على الوجه الفاسد بحيث لا تأمل في فساده ولا يقبل الاجتهاد في تصحيحه بأن تكون في اعتقادهم صحيحة وإن أخطأوا في اجتهادهم، غير معلوم، مع أن الأصل في أفعال المسلمين الصحة، وورد " كذب سمعك وبصرك ما تجد إليه سبيلا " وأمثاله كثيرة. وأيضا إنهم أنقوهم على حالهم وأقروا لهم ظاهرا مع أنهم كانوا متدينين بأمرهم عليهم السلام مطيعين لهم ويصلون إلى خدمتهم ويسألونهم عن أحوال أفعالهم وغيرها وربما كانوا عليهم السلام ينهون بعضهم، فينتهي، إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر، بل ربما ظهر مما ذكر أن القدح بأمثالها مشكل وإن لم يصادمها التوثيق