الذم ".
قلت: لا يبعد ذلك في أمثال هذه الخطابات، ولكن في خصوص الشجرة الملعونة حيث تأكدت العمومات، وتعبدنا الله بلعنهم وجوبا، ولا يتم هذا التعبد إلا بالتعميم الحقيقي، ومتى قام احتمال التخصيص ولو بفرد، امتنع التعبد قطعا. ففرق بين الأمرين، فلذلك لا يجوز اللعن والذم فيما ورد من غير الشجرة. ويؤيده احتجاج أبي ذر بإطلاق قول رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلا، جعلوا مال الله دولا، وعباده خولا، ودينه دخلا - على ذم عثمان بن فعان. فلو كان التخصيص محتملا لما صح الاستدلال، ويؤكده استدلال الحسن عليه السلام على ذم مروان بن الحكم بعموم رواية الاحتجاج على أن الظاهر من سياق الحديث التعميم كما لا يخفى. وأما تأويل تلك الآية والاخبار بأن المراد ببني أمية جميع العتاة والجهنميين من أهل الإسلام سواء كانوا من نسل هؤلاء أو غيرهم، فمردود بأن ذلك إن تم يكون شاهدا للتعميم لغيرهم ممن حذا حذوهم ولا يوجب التخصيص بغير الثقة العدل منهم، والاستشهاد للتخصيص بكثرة الأخبار بمدح علي بن يقطين مع كونه أمويا مردود بعدم نطق أحد بهذا النسب لابن يقطين، ولو ثبت أمكن كون نسبته إلى بني أمية لتبني واحد منهم إياه لا لكونه من نسلهم حقيقة، وكذا الحال في كون سعد الخير من ولد عمر بن عبد العزيز، وقد كان التبني دأبا في الجاهلية والإسلام كما ذكر في ترجمة زيد بن حارثة ولقد تبنى صلى الله عليه وآله زيدا، وقال تعالى:
" وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر " مع أنه عمه أو زوج أمه، سمي بالأب لتبنيه إياه.
فظهر من ذلك كله أن كون الرجل من من بني أمية من أسباب الذم إلا أنه ما دام احتمال التبني الذي كان شائعا قائم لا يجرح العدل به. هذا، ثم لا يخفى عليك أن ما ذكرناه على فرض تماميته، لا يتم في كل من لقب بالأموي، ما لم يعلم انتسابه إلى بني أمية المعروفين، ضرورة إن الأموي - بفتح الهمزة والميم - نسبة إلى أمة بن نخالة بن مازن، وبضم الهمزة وبفتح الميم نسبة إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، كما قال السمعاني.
المذموم إنما هو المنتسب إلى الموسوم بأمية الأكبر والأصغر دون أمة المذكور.