مشاركون لأولئك من هذه الجهة، وأما من جهة نفي القضاء والقدر بالنسبة إلى الله كما هي مقالة أولئك فغير معلوم موافقتهم لهم فيه بل لعلهم موافقون للامامية في ثبوت القضاء والقدر لله إذا القول بنفيه مخالف لصريح القرآن، وكيف كان فتسميتهم به غير مناسب لعدم قولهم به حتى ينسبوا إليه، فهي من باب تسمية الشئ باسم ضده كالبصير للأعمى.
ومنها المرجئة - بالميم ثم الراء ثم الهمزة بغير تشديد - من الإرجاء بمعنى التأخير عند أكثر اللغويين، وبالياء بدل الهمزة من غير تشديد - أيضا. ووهم الجوهري فجعله عند إثبات الياء بدل الهمزة مشددا.
وقد وقع الخلاف في تفسير اللفظة، فقيل: هم فرقة من المسلمين يقولون: الإيمان قول بلا عمل، كأنهم قدموا القول وارجئوا العمل أي أخروه لأنهم يريدون أنهم لو لم - يصلوا ولم يصوموا لنجاهم إيمانهم. ذكره في تاج العروس وحكى تفسيره به عن ابن قتيبة.
وقيل: هم فرقة من المسلمين يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، سموا مرجئة لاعتقادهم أن الله تعالى أرجا تعذيبهم عن المعاصي أي أخره عنهم.
قلت: لا يبعد اتحاد هذا القول مع سابقه وإن عدهما بعضهم قولين، نعم هما مختلفان في وجه التسمية.
وقيل: هم الفرقة الجبرية الذين يقولون: إن العبد لا فعل له وإضافة الفعل إليه بمنزلة إضافته إلى المجازات كجرى النهر ودارت الرحى، وإنما سميت المجبرة مرجئة لأنهم يؤخرون أمر الله ويرتكبون الكبائر. حكي ذلك عن بعض أهل المعرفة بالملل.
وعن المغرب عنه أنهم سموا بذلك لإرجائهم حكم أهل الكبائر إلى يوم القيامة.
وقيل: هم الذين يقولون كل الأفعال من الله تعالى.
وقيل: المرجي هو الأشعري، وربما يطلق على أهل السنة لتأخيرهم عليا عليه السلام عن الثلاثة. وفي الأحاديث: " المرجي يقول: من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة ونكح أمه فهو على إيمان جبرئيل وميكائيل ".