منه القدح في نفس الرجل، ويحكمون به بسببه. لكنه قد تأمل هو - رحمه الله - في ذلك، نظرا إلى أعمية الضعف عند القدماء من الفسق، لأن أسباب الضعف عندهم كثيرة، فإنهم أطلقوه على أشخاص لمجرد قلة الحفظ، أو سوء الضبط، أو الرواية من غير إجازة، والرواية عمن لم يلقه أو الرواية لما ألفاظه مضطربة، أو الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، أو رواية راو فاسد العقيدة عنه، أو أبرز الرواية التي ظاهرها الغلو أو التفويض أو الجبر، أو التشبيه، أو نحو ذلك مما لا يوجب الفسق، فكما أن تصحيحهم غير مقصور على العدالة، فكذلك تضعيفهم غير مقصور على الفسق، كما لا يخفى على من تتبع وتأمل.
وقد يعترض عليه بأن فهم الأكثر منه القدح في نفس الرجل إنما هو عند الإطلاق، والموارد التي أشار إليها مما قامت فيه قرينة على الخلاف، ولا مانع من استفادة الجرح منه عند الإطلاق وعدم القرينة.
ومنها: قولهم: " ضعيف الحديث " و " مضطرب الحديث " و " مختلط الحديث " و " منكر الحديث - بفتح الكاف - " و " ولين الحديث " أي يتساهل في الرواية عن غير الثقة و " ساقط الحديث " و " متروك الحديث " و " ليس بنقي الحديث " و " يعرف حديثه وينكر " وغمز عليه في حديثه " و " واهي الحديث " - اسم فاعل من وهي - أي ضعف في الغاية، تقول: وهي الحائط إذا ضعف وهم بالسقوط، وهو كناية عن شدة ضعفه وسقوط اعتبار حديثه، وكذا " ليس بمرضي الحديث " وأمثال ذلك.
ولا شبهة في إفادة كل منها الذم في حديثه.
وفي دلالتها على القدح في العدالة وجهان: من أن مقتضي مصيرهم إلى استفادة وثاقة الرجل من قولهم ثقة في الحديث هو القدح في وثاقته بما ذكر. ومن عدم الملازمة ثم إن ما ذكر إنما هو فيما إذا أضيف الألفاظ المزبورة إلى " الحديث "، وأما مع عدم الإضافة كقولهم " متروك " و " ساقط " و " واه " و " ليس بمرضي " ونحو ذلك، فلا ينبغي التأمل في إفادتها ذما في الراوي نفسه، بل عدها في البداية من ألفاظ الجرح.
ومنها قولهم: " ليس بذلك الثقة، أو العدل، أو الوصف المعتبر في ذلك " عده