دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٣٧
والمدح، فتأمل ".
قلت: لعل وجه التأمل أن ظاهر الفعل القدح، ما لم تقم القرائن الصارفة.
فما لم يصادمه التوثيق والمدح ينبغي عدة قادحا، كما بنى على ذلك بعض من تأخر عنه.
ومنها: كون الرجل من بني أمية، فإنه من أسباب الذم. ولذا توقف بعضهم في رواية سعد الخير مع دلالة الأخبار على جلالته وعلو شأنه. وجعل منشأ التوقف والإشكال أنه قد تواتر عنهم عليهم السلام لعن بني أمية قاطبة كما في زيارة عاشوراء المقطوع أنها منهم عليهم السلام (؟) وما استفاض عنهم عليهم السلام من أن بني أمية يؤاخذون بأفعال آبائهم لأنهم يرضون بها، وما رواه في الصافي عن الاحتجاج، عن الحسن بن علي عليهما السلام في حديث قال لمروان بن الحكم: " أما أنت يا مروان فلست أنا سببتك ولا سببت أباك، ولكن الله لعنك ولعن أباك وأهل بيتك و ذريتك وما خرج من صلب أبيك إلى يوم القيامة على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله، والله يا مروان ما تنكر أنت ولا أحمد ممن حضر هذه اللعنة من رسول الله لك ولأبيك من قبلك، وما زادك الله بما خوفك إلا طغيانا كبيرا - الحديث " وألطف منه تعميم كلام الله المجيد: " والشجرة الملعونة في القرآن " فإنه روى الخاصة والعامة مستفيضا: أنها في بني أمية: فهذا التعميم مع أنه متواتر النقل محفوف بالقرائن على إرادة التعميم. فإن رمت تخصيصه بما ورد في حق سعد ونحوه، كان ذلك هادما لأساس جواز تعميم اللعن، وقد ورد التعبد به بل وجوبه. فلو كان يجوز ذلك، لحرم تعميمه وإطلاقه. فكان يجب تقييده، مع أن الذي ورد فيه زيادة على ذلك تأكيده كما في زيارة عاشوراء بقاطبة ".
ثم قال البعض " فإن قلت: قد ورد الذم والمدح لطوائف وأهل قبائل وبلدان على ذلك كما ورد " أن أهل أصفهان لا يكون فيهم خمس خصال: الغيرة والسماحة والشجاعة والكرم وحبنا أهل البيت عليهم السلام " ومثله في مدح أهل مصر، والظاهر من أمثال هذه الإطلاقات هو الأغلب من أولئك. لأنا نجد في بعض الأفراد على خلاف ما ورد لا سيما أهل مصر. فإنه لا يبعد أن يقال: انقلب المدح إلى
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»