التأمل في كون الستة الأولى ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، حيث قال: " إنه قد حكى الإجماع على تصحيح ما يصح عن الأواسط والأواخر غير واحد من المتأخرين كابن طاووس والعلامة وابن داود، وحينئذ فما اشتهر بين جملة من أهل هذا الفن كالشيخ أبي علي في كتابه منتهى المقال، وصاحب المعالم في كتابه منتفى الجمان وغيرهما من أن الطائفة أجمعت على تصحيح ما يصح عن ثمانية عشر: ستة من الأوائل، وستة من الأواسط، وستة من الأواخر مما لا وجه له ولا أصل. فإن الستة الأوائل لم يدع في حقهم هذه الدعوى ولا قيل فيهم هذا القول، وان المدعى فيهم إنما هو إجماع العصابة على تصديقهم والانقياد لهم بالفقه، وأين هذه الدعوى من تلك - انتهى ". فإن فيه ما عرفت من كفاية نقل من ذكره في إفادة الظن الكافي في الرجال، وما أبعد ما بينه وما بين ما صدر من بعضهم من عدهم اثنين وعشرين، جمعا بين الأقوال.
تذنيب: قد شهد الثقات بوثاقة جمع غير أصحاب الإجماع، وعملت الطائفة بأخبارهم لوثاقتهم، وهم أكثر من أن يحصر. وقد قال الشيخ المفيد - رحمه الله - وابن شهرآشوب والطبرسي وغيرهم: " إن الذين رووا عن الصادق عليه السلام من الثقات كانوا أربعة آلاف رجل، وزاد الطبرسي أنه صنف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب معروفة. وتسمى الأصول - انتهى " وأما الأصول المعتمدة والكتب المعول عليها وما حكموا بصحته فكثيرة جدا. وأما الذين وثقهم الأئمة عليهم السلام وأمروا بالرجوع إليهم والعمل بأخبارهم وجعلوا منهم الوكلاء والأمناء فكثيرون أيضا، يعرفون بالتتبع في كتب أهل الفن. وأما من عرف بين الأصحاب بأنه لا يروي إلا عن ثقة، فقد اشتهر بذلك جماعة، منهم محمد بن أبي عمير، وصفوان، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، بل ادعي على ذلك الاجماع، ولذلك اشتهر بين الأصحاب قبول مراسيلهم كما في الذكرى وغيرها، بل عن ظاهر الشهيد رحمه الله دعوى الإجماع على ذلك، لكن قد يقال: إنا وجدناهم كثيرا ما يروون عن الموثقين كأبان بن عثمان وعثمان بن عيسى. ومنه رواية ابن أبي عمير والبزنطي عن عبد الكريم بن عمرو الثقة